حقيقة التصريحات المنسوبة لمسؤول استخباراتي أمريكي حول دور بلاده في أحداث “الربيع العربي”

انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية عبر منصات التواصل الاجتماعي مزاعم تزعم صدور اعترافات خطيرة عن رئيس سابق لجهاز المخابرات الأمريكية (CIA) عقب استقالته، تتعلق بموقف الولايات المتحدة إزاء أحداث “الربيع العربي” التي تغيّرت فيها ملامح عدة دول عربية في مطلع العقد الماضي.

وادعت تلك المنشورات أن المسؤول الأمريكي السابق أقر صراحة بأن واشنطن قد ارتكبت أخطاء كبيرة في تعاملها مع التحولات الواسعة النطاق التي شهدتها المنطقة، خصوصاً في دول كمصر وتونس وليبيا، مشيرة إلى أنه اعترف بمحاولة الإدارة الأمريكية التدخل والتأثير على مجريات تلك الأحداث لتحقيق مصالحها الخاصة.

غير أن البحث في المصادر الموثوقة والتصريحات المعلنة يكشف أن هذه المزاعم لا تمت للحقيقة بصلة، وأن التصريحات المتداولة على أنها “اعترافات مدوية” إما مبتورة أو تم تحريفها بشكل يغيّر معناها الأصلي. ما صدر عن بعض المسؤولين الأمريكيين السابقين، سواء عبر مقابلات أو تصريحات صحفية، استند في معظمه إلى تقييم للسياسات الأمريكية أثناء موجة التغيرات السياسية وليس إلى إقرار بتدبير أو توجيه الأحداث.

فعلى سبيل المثال، نقلت بعض وسائل الإعلام تصريحات توماس جنكينز، أحد المسؤولين السابقين بوكالة الاستخبارات المركزية، أشار فيها إلى أن إدارة بلاده “لم تكن تتوقع حجم التغييرات وأنه ربما كان هناك تقدير خاطئ لطبيعة تطور الأوضاع في بعض بلدان الربيع العربي”، دون أن يتطرق إلى أي دعم أو تدخل مباشر. كما أشار مسؤولون آخرون إلى أن الولايات المتحدة تابعت بقلق شديد تصاعد الاحتجاجات، وأكدوا أن مواقفها الرسمية تمثلت في الدعوة إلى احترام إرادة الشعوب وعدم اللجوء للعنف.

وتوضيحًا للحقيقة، فإن أسلوب تداول الاقتباسات بشكل مجتزأ أو خارج سياقها الدقيق قد أسهم في تضليل الرأي العام وإعطاء انطباع غير مطابق للواقع. لذلك ينبغي على المتابعين ووسائل الإعلام تحري الدقة عند نقل هذا النوع من الأخبار، والرجوع دائمًا للمصادر الأصلية والتصريحات الموثقة.

خلاصة القول: ليست هناك تصريحات مؤكدة من أي مسؤول استخباراتي أمريكي سابق باعترافه بأخطاء متعمدة أو تدخلات ممنهجة في ما شهدته دول “الربيع العربي”، وكل ما يتداول في هذا الشأن يندرج ضمن الأخبار المنقوصة أو المضللة التي تحتاج للتثبت منها قبل معاملتها كحقائق مؤكدة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *