حقيقة ما ورد في مذكرات هيلاري كلينتون حول الأحداث التونسية ودور الولايات المتحدة

في الآونة الأخيرة، تصاعدت من جديد على منصات التواصل الاجتماعي منشورات تدّعي أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون كشفت في مذكراتها “خيارات صعبة” عن تورط الولايات المتحدة الأمريكية في التخطيط للإطاحة بالرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي خلال أحداث يناير 2011.

ورغم انتشار هذه المزاعم الواسع، إلا أن مراجعة دقيقة للكتاب الصادر عام 2014 تكشف غياب أي إشارة أو اعتراف مباشر من كلينتون أو من الإدارة الأمريكية بأي دور في إسقاط النظام التونسي السابق. فقد اكتفت كلينتون بالتطرق إلى الأجواء العامة للثورات التي اجتاحت المنطقة مع بدايات ما سمي “الربيع العربي”، مشيرةً إلى الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في تونس واستغراب المسؤولين الأمريكيين من سرعة واتساع رقعة الاحتجاجات.

وبحسب نصوص كتابها، ذكرت كلينتون أنها تلقت تقارير حول الأوضاع المتوترة في تونس، والتي كانت تحكمها قبلاً يد الديكتاتور بن علي منذ عقود. وبينت كيف كانت الولايات المتحدة تراقب الوضع عن كثب، مع تعبيرها عن قلقها من تصاعد أعمال العنف وضرورة احترام حقوق الإنسان. غير أنها لم تتطرق بأي شكل إلى كون واشنطن لعبت دوراً مباشراً أو خططت للإطاحة بالنظام.

وأكدت تقارير تدقيق الحقائق وتصريحات عدة محللين وكتاب تونسيين وأجانب أن لا وجود لأي فقرة أو جملة في مذكرات كلينتون تدعم الاتهام المتداول بأن الولايات المتحدة كانت وراء إسقاط بن علي أو تدخلت في التفاصيل الأمنية لتلك الليلة المصيرية في تاريخ تونس.

على العكس، يبرز من نصوص “خيارات صعبة” أن الصدمة كانت حقيقية في الأوساط السياسية الغربية من قوة الحراك الشعبي وما أسفر عنه من تغييرات سياسية متسارعة، دون تلميح لتدخلات خارجية من جانب الولايات المتحدة، سواء دبلوماسياً أو على الساحة الميدانية.

في الختام، يتضح أن المزاعم المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تُفتقر للأساس الموثق وتعتمد على تأويلات أو اجتزاء لمحتوى مذكرات هيلاري كلينتون. وبالتالي، تبقى وقائع سقوط نظام بن علي كما سردتها وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة في إطار رصد الأحداث وتحليلها، دون الإشارة لتورط واشنطن في تلك الليلة المفصلية من تاريخ تونس.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *