حملات اعتقال واسعة عقب احتجاجات بيئية متواصلة في قابس

شهدت مدينة قابس في الأسابيع الأخيرة تصعيدًا ملحوظًا في الحراك الاحتجاجي ضد التلوث، حيث نزل المئات من المواطنين إلى الشوارع مطالبين بوضع حد لانبعاثات الغازات والملوثات الصناعية الصادرة عن المجمع الكيميائي بالمنطقة. وتأتي هذه التحركات في سياق وُصف بأنه “يوم غضب جهوي”، عبّر فيه سكان المدينة عن غضبهم من تدهور الأوضاع البيئية وتأثيرها المباشر على صحتهم.

وفي هذا السياق، كشفت مصادر من فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بقابس أن السلطات الأمنية قامت منذ انطلاق آخر موجة من الاحتجاجات بإيقاف 25 شخصًا، صدرت في حق 18 منهم بطاقات إيداع بالسجن. وأوضحت ذات المصادر أن هذه الإيقافات تأتي على خلفية تهم تتعلق بالحق العام، وفق ما أظهرته الأبحاث الأولية.

وقد تركزت مطالب المحتجين على ضرورة تنفيذ القرارات الحكومية السابقة، وعلى رأسها القرار الصادر عام 2017 بتفكيك الوحدات الصناعية الملوثة، الذي لم يتم تفعيله حتى الآن. واعتبر المحتجون أن التلكؤ في تطبيق هذه القرارات يؤشر إلى غياب الإرادة السياسية للحد من الكارثة البيئية التي ترزح تحت وطأتها الجهة منذ عقود.

ولم تقتصر ردود الفعل على المستوى الشعبي فقط، بل عبّرت منظمات المجتمع المدني والهيئات الحقوقية المحلية عن استنكارها لما وصفته بـ”النهج الأمني” في التعامل مع المتظاهرين السلميين، مطالبة بإطلاق سراح الموقوفين والكف عن ملاحقة النشطاء البيئيين.

يُذكر أن مدينة قابس تعاني منذ سنوات من تدهور بيئي حاد بسبب النشاط الصناعي المكثف في محيطها، الأمر الذي أدى إلى انتشار الأمراض التنفسية والجلدية بشكل لافت، فضلاً عن تراجع جودة الحياة وتزايد الهجرة من المنطقة.

وتبقى قضية التلوث في قابس مفتوحة على احتمالات التصعيد، وسط إصرار المجتمع المدني وأهالي المدينة على الاستمرار في الدفاع عن حقهم في بيئة نظيفة وصحية، في مواجهة ضغوط اقتصادية واجتماعية متزايدة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *