خلافات حول الإصلاحات الضريبية للمتقاعدين في تونس: خلفيات وتداعيات

شهد مجلس نواب الشعب مؤخراً جدلاً واسعاً حول التعديلات المقترحة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026، والتي شملت الترفيع في الأجور للقطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى أصحاب الجرايات من المتقاعدين. وقد تم تضمين هذه الإجراءات ضمن الفصل 15، الذي نصّ على أن الترفيع في الرواتب سيشمل أيضاً جرايات المتقاعدين ابتداءً من سنوات 2026 وحتى 2028.

ورغم أن هذه الخطوة نالت ترحيباً من فئات واسعة في المجتمع، إلا أن وزيرة المالية عبّرت عن تحفظاتها بشأن التخفيف التدريجي للعبء الجبائي عن المتقاعدين. فقد بيّنت وزيرة المالية أن مثل هذا الإجراء يفرض على الدولة أعباء مالية كبيرة بالنظر إلى الظروف الاقتصادية المعقدة وارتفاع النفقات العمومية. واعتبرت أن اعتماد تخفيضات ضريبية إضافية في الوقت الحالي قد يُحدث اختلالاً في التوازنات المالية للدولة، خاصة في ضوء الضغوطات على الميزانية العامة والحاجة إلى تمويل مشاريع تنموية أخرى.

من جهة أخرى، يرى المدافعون عن التعديلات الجبائية أن المتقاعدين يعانون بالفعل من محدودية الدخل وأن تخفيف الأعباء الضريبية سيمنحهم قدرة أكبر على مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة. وأشاروا إلى أن هذه الفئة لعبت دوراً أساسياً في بناء الاقتصاد الوطني، ومن حقها الاستفادة من إصلاحات تضمن لها عيشًا كريماً بعد سنوات الخدمة.

جدير بالذكر أن المجلس صادق على مبدأ الترفيع في الأجور والرواتب لكل القطاعات، مع إحالة تفاصيل التنفيذ إلى أوامر حكومية لاحقة تحدد نسب الزيادات وآلية صرفها. كما وافق المجلس على مبدأ التدرج في تخفيف العبء الجبائي تدريجيًا عن المتقاعدين على مدى ثلاث سنوات، رغم اعتراض وزيرة المالية وطرحها سيناريوهات بديلة تقوم على توسيع القاعدة الجبائية وزيادة موارد الدولة.

ينتظر أن تستمر النقاشات في الأوساط الاقتصادية والسياسية حول سبل تحقيق توازن بين المصالح الاجتماعية للمتقاعدين، وحتمية الحفاظ على استقرار المالية العامة وتجنب وقوع الدولة في أزمة تمويلية جديدة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *