دراسة جديدة: المواد الحرة تواصل دفع معدل التضخم في تونس رغم استقرار المدعّمات

سجلت تونس انخفاضًا طفيفًا في نسبة التضخم السنوي خلال شهر أغسطس 2025، حيث بلغت حسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء 5.2% مقارنة بـ5.3% في يوليو الماضي. ورغم هذا الانخفاض، تكشف تفاصيل الإحصاءات عن تحولات لافتة في سوق الأسعار، وتحديدًا تفاقم الضغوط على المواد الاستهلاكية غير المدعمة.

تشير بيانات المعهد إلى أن أسعار المواد الحرة شهدت ارتفاعات ملحوظة مقارنةً باستقرار شهدته الأسعار الخاصة بالمواد المدعمة من قبل الدولة. فقد سجلت أسعار المواد الحرة ارتفاعًا سنويًا قدره 6.3%، الأمر الذي يسلط الضوء على دورها المحوري في دفع معدلات التضخم الكلية، في حين بقيت أسعار المواد المدعمة شبه ثابتة بفعل تدخلات الدعم الحكومي.

وبالنظر إلى التركيبة العامة لسلة الاستهلاك الأسرية بتونس، نجد أنّ التغيرات طالت أساسًا المنتجات الحرة مثل الأغذية والمواد المنزلية غير المشمولة بسياسة الدعم. في المقابل، ظلت أسعار الخبز وبعض مشتقات الحبوب والزيوت النباتية والمعجنات ضمن حصة المواد المدعمة، محافظةً على استقرارها النسبي.

يرى خبراء الاقتصاد أن هذا التمايز في تطور أسعار المنتجات يعود إلى محدودية فعالية الدعم الموجه للمواد الأساسية فقط، بينما تظل معظم المنتجات الأخرى خاضعة لقوانين السوق العالمي وتأثرها بتذبذب أسعار الاستيراد وتكاليف النقل وسعر الصرف.

وتشير التقديرات إلى أن استقرار المواد المدعمة يمنع جزءا من الأسر التونسية ذات الدخل المحدود من الشعور الكامل بوطأة التضخم، غير أن الأموال العامة المخصصة للدعم تستمر في تشكيل عبء على ميزانية الدولة، ما يثير النقاش حول استدامة سياسات الدعم في ظل التوازن بين كبح التضخم من ناحية وحماية المالية العمومية من ناحية أخرى.

في المجمل، تُظهِر بيانات معهد الإحصاء الوطني أن تسارع ارتفاع أسعار المواد الحرة هو العامل الأبرز الذي يحافظ على مستوى التضخم مرتفعًا نسبيًا، بالرغم من جهود الدولة في الحفاظ على استقرار المواد المدعمة. هذا الواقع يصعب مهمة الدولة في إيجاد معادلة متوازنة بين حماية القدرة الشرائية للتونسيين من جهة، وإدارة الموازنة العمومية بشكل مستدام من جهة أخرى.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *