دعوات لمراجعة دور البنك المركزي في تمويل عجز الميزانية في تونس

أثار إدراج بند في مشروع قانون المالية لسنة 2026 يسمح بمنح تسبقة استثنائية جديدة من البنك المركزي بقيمة 11 مليار دينار موجة نقاش واسعة في الأوساط الاقتصادية والمالية في تونس. هذه الخطوة لم تكن الأولى من نوعها، فقد دأبت الدولة خلال السنوات الأخيرة على اللجوء إلى هذا الإجراء لتغطية العجز المتزايد في الميزانية، وهو ما اعتبره بعض الخبراء الاقتصاديين، على غرار أرام بلحاج، مؤشراً على تحول “الاستثناء إلى قاعدة” في تمويل الدولة.

ويصل إجمالي التمويلات الاستثنائية المرصودة من البنك المركزي، وفق مشروع قانون المالية الجديد، إلى 11 مليار دينار، دون فائدة، تمتد آجال سدادها على مدى 15 سنة. هذه الظاهرة أثارت جدلاً حول مستقبل السياسة النقدية ودور البنك المركزي، خاصةً في ظل الارتفاع المتواصل لنفقات الدولة وتزايد صعوبات تمويل العجز من السوق الداخلية والخارجية.

ويرى مختصون في الاقتصاد أن التوجه نحو حلول استثنائية متكررة من البنك المركزي يمثل خطراً على توازنات الدولة، خاصة إذا تواصل منح التسهيلات دون ضبط ضوابط جديدة أكثر وضوحاً. ويعتبر أرام بلحاج أنّ غياب إصلاحات هيكلية حقيقية وعدم معالجة أوجه الخلل في المالية العمومية، هو ما أجبر الدولة على تكرار نفس الآليات الاستثنائية للعام الثالث على التوالي، في غياب حلول مستدامة مبنية على ترشيد النفقات وتوسيع قاعدة الموارد الذاتية.

ويطالب فاعلون في الشأن المالي بضرورة مراجعة قانون البنك المركزي لينسجم أكثر مع متطلبات المرحلة الحالية، بما يحقق التوازن بين دعم الدولة ومساعدة الاقتصاد من جهة، والحفاظ على استقرار العملة الوطنية والتحكم في التضخم من جهة أخرى. كما يدعون إلى ترشيد اللجوء إلى التمويلات الاستثنائية واقتصارها على الحالات الطارئة فقط، حتى يبقى دور البنك المركزي موجهاً بالأساس إلى حماية النظام المالي ودعم الاستثمارات الهيكلية والتنموية.

في ظل هذه التحديات، يبقى إصلاح الإطار التشريعي المنظم لدور البنك المركزي أولوية مطروحة في تونس، لضمان أمن واستقرار الاقتصاد الوطني على المديين المتوسط والبعيد، وتفادي تكرار الاعتماد المزمن على تدابير مؤقتة في مواجهة العجز المالي.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *