ذكرى ملحمة المقاومة في صفاقس: عندما تحدى أبناء المدينة الاحتلال الفرنسي

تحيي مدينة صفاقس هذه الأيام ذكرى إحدى أبرز صفحات تاريخها، حيث واجه أبناؤها بشجاعة نادرة الإنزال الفرنسي في منتصف يوليو من عام 1881. خلال الفترة بين 14 و16 جويلية من ذلك العام، تحولت صفاقس إلى مسرح لمعارك ضارية بين السكان المحليين وقوات الاحتلال الفرنسي، التي جاءت مدججة بثلاث أساطيل بحرية وعدة عسكرية متفوقة لإخضاع المدينة.

رفض أهالي صفاقس الاستسلام أمام القوة الغازية، ووقفوا مجتمعين على قلب رجل واحد يدافعون عن مدينتهم بكل ما يملكون، من أسلحة تقليدية بسيطة وحتى حجارة الأسوار. عبر مقاومة بطولية، واجه الأهالي القوات الفرنسية على البر والبحر، مؤكدين على تمسكهم بالحرية والكرامة.

مع بداية يوم 15 يوليو، تعرضت المدينة لقصف عنيف استهدف بواباتها وأسوارها التاريخية، في محاولة لإجبار المقاومة على الاستسلام. غير أن صمود السكان ووقوفهم صفاً واحداً، أبطأ تقدم القوات الفرنسية وكبدها خسائر بشرية ومادية. وفي صباح 16 يوليو، بدأت عملية الإنزال العسكري الفرنسي عبر الجسور الخشبية من البحر، لتتحول المعركة إلى قتال شوارع دامٍ بين المقاومين والقوات الغازية.

ورغم التفوق الكاسح في السلاح والعدد، سجل التاريخ بطولة أكثر من 900 من أبناء صفاقس الذين استشهدوا خلال تلك المعركة دفاعاً عن مدينتهم وكرامتهم. أصبحت هذه الصفحة المضيئة من تاريخ صفاقس رمزاً للتحدي والصمود في وجه الاستعمار، ولا تزال ذكراها حاضرة في الوجدان الجماعي للمدينة ولسكان تونس عامة.

اليوم وبعد أكثر من قرن، يستحضر أهالي صفاقس تلك التضحيات الجسام ويرددون أسماء الشهداء الذين سطروا بدمائهم ملحمة وطنية خالدة، ليبقى درس الحرية والمقاومة مشعلاً للأجيال الجديدة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *