شبكات التهريب الدولية: كيف اخترقت إمبراطوريات الاتجار بالبشر الحدود التونسية؟

في مؤتمر صحفي عُقد أمس بمدينة أربيل، كشفت جمعية المهاجرين العائدين من أوروبا عن إعادة أكثر من 300 مهاجر كردي كانوا محتجزين في كل من تونس وليبيا إلى إقليم كردستان العراق خلال عام 2025، من بينهم 85 شخصاً تم إرجاعهم من تونس وحدها.

وقد أعاد هذا الإعلان تسليط الضوء على الطرق والأساليب التي تستخدمها شبكات تهريب البشر للعبور إلى الأراضي التونسية ومن ثم نحو شمال أفريقيا وأوروبا. يتصدر اسم المهرب الإيراني حسن زادة واجهة هذه العمليات، حيث تشير مصادر أمنية وحقوقية إلى أنه أحد أبرز العقول المدبرة لهذا النوع من التنظيمات عبر الحدود.

يعتمد المهرب حسن زادة وغيره من قادة الشبكات الدولية على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية للإعلان عن خدمات تهريب المهاجرين، حيث يتم استقطاب الراغبين في الهجرة من مناطق النزاع إلى أوروبا عبر عروض مغرية ووعود بتحقيق حياة أفضل. وتظهر بعض مقاطع الفيديو المنتشرة على الإنترنت عدداً من المهاجرين يشكرون زادة بعد وصولهم إلى وجهاتهم، ما أسهم في زيادة شهرته وانتشار نشاطه بين الأوساط الطامحة للهجرة.

يرى محللون أن استغلال هشاشة الأوضاع الأمنية في بعض الدول وانتشار النزاعات والفقر في مناطق معينة أسهم بشكل مباشر في توسع نشاط هذه الشبكات. فغالباً ما تمر طرق الهجرة عبر ليبيا وتونس باعتبارهما بوابتين رئيسيتين نحو السواحل الأوروبية، وهو ما جعل السلطات الأمنية في البلدين ترفع من مستوى جاهزيتها وتزيد من عمليات التمشيط وإحباط محاولات التهريب.

وفي هذا السياق، تؤكد بيانات رسمية تناقلتها عدة وسائل إعلام أن العمليات الأمنية في تونس أحبطت تهريب آلاف المهاجرين نحو أوروبا خلال الأشهر الأخيرة، في محاولات لقطع الطريق أمام منظمي الرحلات غير الشرعية.

تجدر الإشارة إلى أن تونس وقعت عدة اتفاقيات دولية لتعزيز التعاون في مكافحة تهريب البشر، وعلى رأسها اتفاقية باليرمو للأمم المتحدة، إلا أن تحديات المراقبة المستمرة وتغير مسارات شبكات التهريب تظل قائمة، الأمر الذي يتطلب تحديث السياسات الأمنية وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي للحد من هذه الظاهرة الخطيرة.

أخيراً، يبقى السؤال الأهم داخل الأوساط الأمنية والحقوقية في تونس وشمال أفريقيا: ما هي التدابير الجديدة المطلوبة لمنع تكرار تسلل هذه المجموعات المنظمة، وما هي السبل المثلى لحماية المهاجرين من الاستغلال وسوء المصير؟

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *