شبكات الجريمة المنظمة تستهدف زيت الزيتون التونسي: أسرار التهريب والتحايل
يشتهر زيت الزيتون التونسي في الأسواق العالمية بجودته العالية ونقائه، ويمثل مصدر فخر للفلاحين التونسيين ودعامة أساسية للاقتصاد الوطني، نظرًا لعوائده القوية من العملة الصعبة. لكن هذا المنتج الثمين لم يكن بمنأى عن مطامع مافيات دولية، وعلى رأسها المافيا الإيطالية، التي اتخذت منه فرصة سهلة للإثراء عبر مسالك غير قانونية.
فمنذ سنوات، كشفت تقارير أمنية وصحفية دولية عن وجود شبكات إجرامية تعمل على تهريب كميات كبيرة من زيت الزيتون التونسي نحو الأسواق الأوروبية، وخصوصًا إلى إيطاليا. تبدأ القصة عادة بشراء الزيت من المزارعين أو التجار المحليين في تونس، ثم يتم نقله سرًا إلى مصانع أو شركات خارجية. هناك، تستخدم هذه الشبكات المتخصصة طرقًا متنوعة للتلاعب بالمنتج، مثل خلطه بزيوت أقل جودة أو إعادة تعبئته ووضع ملصقات تشير إلى أنه زيت زيتون “إيطالي المنشأ”.
يدخل الزيت المعاد تصنيعه بعدها إلى الأسواق العالمية بأسعار مرتفعة، في حين يُخفي المصدر الأصلي التونسي، مما يضيع على البلاد فرصة تصدير فريدة ويهدر جهود الفلاحين وسمعة المنتوج الوطني. وقد أظهرت بعض التحقيقات الأخيرة تورط مجموعات تابعة للمافيا الإيطالية في شحنات ضخمة، إذ بلغت قيمة بعض الصفقات غير القانونية ملايين الدولارات، حسب مصادر إعلامية.
ولا تتوقف الخطورة عند الجانب الاقتصادي فقط؛ فهذه العمليات أثارت مخاوف حول سلامة المنتوج وجودته، حيث قد يتم التلاعب بمكونات الزيت أو خلطه بمواد أخرى أقل قيمة وسلامة صحية.
ولمواجهة هذا الخطر المتفاقم، تشددت السلطات التونسية والمراقبة الأوروبية في السنوات الأخيرة، وفرضت عقوبات صارمة على المتورطين في عمليات التهريب والغش، كما عززت التنسيق بين الهيئات الأمنية بالبلدين. ورغم هذه الجهود، لا تزال مافيا تهريب زيت الزيتون تمثل تحديًا حقيقيًا أمام المنتجين المحليين، وتطرح أسئلة كبرى حول حماية الثروات الوطنية ووقف استنزافها عبر شبكات الفساد والجريمة المنظمة.
في نهاية المطاف، يبقى زيت الزيتون التونسي من كنوز البلاد التي تحتاج لمزيد من الحماية والترويج، حتى يحتل مكانته المستحقة في الأسواق العالمية باسمه وهويته الأصيلة.
