صفقة غاز أمريكية جديدة لإيطاليا تثير أسئلة حول مستقبل خط أنابيب ترانس ميد في تونس

أعلنت شركة إديسون الإيطالية، التابعة لمجموعة EDF الفرنسية، عن توقيع اتفاقية كبرى لاستيراد الغاز الطبيعي المسال مع شركة شل الأمريكية، حيث ستزود شل شركة إديسون بكمية تبلغ 700 ألف طن سنويًا من الغاز بدءًا من عام 2028 ولمدة 15 عامًا متتالية. تأتي هذه الخطوة ضمن جهود إيطاليا المتواصلة لتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي، في ظل التقلبات الجيوسياسية العالمية وزيادة الطلب الأوروبي على الغاز المسال.

تحمل هذه الاتفاقية أبعادًا إقليمية مهمة، خصوصًا لدول شمال إفريقيا مثل تونس، حيث يعتبر خط “ترانس ميد” ـ الذي يربط الجزائر بإيطاليا عبر الأراضي التونسية ـ من شرايين الطاقة الحيوية التي تزود أوروبا بجزء من حاجتها للغاز. وتضع الصفقة أسئلة حول مستقبل الاعتماد الأوروبي على الغاز العابر للأراضي التونسية في مقابل الإمدادات البديلة القادمة عن طريق الغاز المسال الأميركي.

من المتوقع ألا يكون هناك تأثير سريع ومباشر على خط “ترانس ميد” أو على موعد عبور إمدادات الغاز عبر تونس في الوقت الحالي، إذ ما زالت دول الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى تنويع وتعدد خطوط الإمداد لتأمين استقرار الشبكة الطاقية وتقلبات السوق. إلا أن الشراكة بين إديسون وشل قد تعكس التوجه الأوروبي نحو استثمارات طويلة الأمد في البنية التحتية للغاز المسال ومحطات استقبال الغاز في الموانئ الإيطالية.

في الوقت ذاته، تراقب تونس هذه التحولات عن كثب، لاسيما وأنها تحقق إيرادات هامة من عبور الغاز عبر أراضيها، بالإضافة إلى استهلاكها حصة من الغاز المنقول وفق اتفاقيات مع الجزائر وإيطاليا. ويخشى البعض أن يؤدي التوسع في واردات الغاز المسال الأوروبية إلى تقليص الاعتماد على خطوط الأنابيب التقليدية على المدى الطويل، الأمر الذي قد يؤثر اقتصاديا على عائدات تونس ومكانتها الاستراتيجية في سوق الطاقة الإقليمي.

ختامًا، تعكس الصفقة الجديدة بين إديسون وشل ديناميكية جديدة في سوق الطاقة الأوروبي، تحتاج تونس وغيرها من دول شمال إفريقيا إلى التكيف معها عبر تعزيز الاستثمارات في الطاقة والبنية التحتية، مع الانفتاح على حلول وشراكات جديدة لضمان استمرار دورها المحوري في معادلة إمداد الغاز على الساحة المتوسطية.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *