ضجة حول تغطية إعلامية لفيديو في مهرجان قرطاج تثير تساؤلات حول أخلاقيات النشر
شهدت منصات التواصل الاجتماعي التونسية نقاشًا ساخنًا خلال الأيام الأخيرة بعد انتشار فيديو يُظهر زوجين تونسيين في مشهد عفوي وودّي أثناء حضور حفل غنائي بمهرجان قرطاج الدولي. على الرغم من أن ظهور الزوجين في لحظة توصف بالعفوية والرومانسية لاقى استحسان الكثيرين في البداية، إلا أن سرعة تداول الفيديو على صفحة قناة “تونسنا” ومنصاتها الرقمية سرعان ما أثارت موجة من التعليقات الحادة، وصلت في بعضها إلى حدود التنمر والاساءة الشخصية.
الغريب في القضية أن عددًا كبيرًا من التعليقات الإيجابية، التي أبدت دعمها للثنائي واعتبرت سلوكهما طبيعيًا في أجواء احتفالية كتلك، تم حذفها بشكل متكرر من قبل إدارة الصفحة. في المقابل تم الإبقاء على تعليقات هجومية اتسمت بالعدائية، ووجهت نقدًا لاذعًا للزوجين وسط تساؤلات عديدة حول هدف تسليط الضوء على حياتهما الخاصة بتلك الطريقة.
القصة سرعان ما تحولت لمحور نقاش واسع لدى متابعي الشأن الإعلامي، حيث اعتبر البعض أن نشر الفيديو وانتقاء التعليقات جاء ضمن محاولات لزيادة التفاعل والمشاهدات دون مراعاة لقيم الخصوصية واحترام الأشخاص. وذهب فريق من المتابعين إلى المطالبة بفتح تحقيق حول الممارسات التحريرية التي انتهجتها القناة، ومدى التزامها بمواثيق الشرف الصحفي وأخلاقيات العمل الإعلامي.
في الجانب الآخر، عبر نشطاء حقوقيون عن قلقهم المتزايد من تفشي ثقافة التشهير وتشويه السمعة على الإنترنت، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواقف شخصية لا تمس النظام العام ولا تثير أي مخالفة قانونية. ودعوا وسائل الإعلام ومستخدمي المنصات الاجتماعية إلى التحلي بالمسؤولية وتجنب الممارسات التي قد تحول حرية التعبير إلى وسيلة للاذى المعنوي.
يبقى السؤال مطروحًا بقوة: ما هي حدود حرية النشر في الفضاء الرقمي؟ وهل يتحمل الإعلام جزءًا من المسؤولية في التصدي لمظاهر التنمر وصون كرامة الأفراد، أم أن السباق نحو تفاعل أكبر يبرر تجاوز مواثيق المهنة؟ ملف يتجدد حضوره مع انتشار كل حادثة مماثلة في عصر مواقع التواصل، ما يجعل مهمة الموازنة بين حق الجمهور في المعلومة وحق الأفراد في الخصوصية أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.