ضعف السياسات العامة يهدد عمادة المهندسين المعماريين في تونس

في تونس، تعكس أوضاع عمادة المهندسين المعماريين حجم الأزمات التي تمر بها الهياكل المهنية عندما يغيب الاستقرار السياسي وتتعثر السياسات الوطنية في ضمان التوازن والفاعلية. تبرز هذه الأزمة كتجسيد للفشل في احتواء الخلافات بين مختلف الأطراف المؤثرة من سلطة، مجتمع مدني ومؤسسات، إضافة إلى غياب الرؤية الواضحة حول مستقبل القطاع المعماري.

لطالما كانت عمادة المهندسين المعماريين الركيزة الأساسية لضمان مهنية القطاع والدفاع عن مصالح أعضائه، لكن التدخلات الحزبية وغياب الشفافية جعل منها ساحة لصراعات لا تهم المهندس التونسي ولا تلبي حاجيات العمران وتطلعات التنمية. إضافة إلى ذلك، يبقى التأخير في معالجة ملفات الفساد، وعرقلة تسجيل وإدماج الخريجين الجدد من المهندسين، من بين أبرز الإشكاليات التي تهدد بقاء هذا الهيكل الحيوي.

تشير شهادات مهندسين معماريين وأعضاء سابقين في العمادة إلى أن المشكلة ليست في النظام الداخلي أو في قوانين المهنة فحسب، بل تكمن أساسًا في غياب إرادة سياسية حقيقية لجعل العمادة قوة اقتراح ومناصرة للقطاع المعماري على مستوى السياسات العامة للدولة.

ولم تتردد العمادة في أكثر من مناسبة في التعبير عن استيائها من ظروف العمل الصعبة، والمنافسة غير المتكافئة مع خريجي مدارس عديدة بدول أجنبية، فضلًا عن غياب التحفيز المادي والمعنوي، ما أدى إلى ارتفاع معدلات هجرة الكفاءات إلى أسواق الخليج وأوروبا. كما أن ضعف التشاور بين الأطراف المتدخلة والنقص في دعم البحث والتطوير جعلا من القطاع الهندسي المعماري أقل قدرة على مواجهة التحديات العصرية.

ختامًا، تدق أزمة عمادة المهندسين المعماريين ناقوس خطر بشأن استقرار مختلف الهياكل النقابية والمهنية بتونس، وتدعو إلى العودة إلى الحوار المجتمعي وترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة وإعادة الاعتبار للأخلاقيات المهنية من أجل إصلاح المنظومة وحماية مستقبل الهندسة المعمارية في البلاد.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *