ضغوطات نفقات الدعم والأجور تزيد من هشاشة ميزانية الدولة في تونس خلال 2025
تشهد المالية العمومية في تونس خلال سنة 2025 وضعًا دقيقًا، إذ سلط العديد من الخبراء الضوء على تزايد العبء الناتج عن نفقات الدعم والأجور وخدمة الدين العام على ميزانية الدولة. بالرغم من إعلان السلطات المالية عن تحقيق فائض في الميزانية مع نهاية الثلاثي الأول من السنة الحالية، إلا أن الوقائع تشير إلى تحديات هيكلية متواصلة تُضعف من قدرة الدولة على الاستثمار وتقيّد آفاق التنمية الاقتصادية.
وتشير وثيقة ميزانية المواطن للسنة الجارية، التي أصدرتها وزارة المالية التونسية، إلى أنّ نفقات الدعم تستحوذ على حوالي 19% من إجمالي حجم الميزانية. من جهة أخرى، ما زالت كتلة الأجور تمثل أحد أكبر الأعباء الثابتة، ما يحد من قدرة الحكومة على توجيه الموارد إلى قطاعات التنمية والبنية التحتية وتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين.
ويرى خبراء الاقتصاد أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يربك منظومة المالية العمومية ويجعلها رهينة لتقلبات التمويل الخارجي وارتفاع خدمة الدين، كما يضع هامش التحرك أمام السلطة التنفيذية في أدنى مستوياته. ويضيف بعض المحللين أن إصلاح منظومة الدعم وتوجيهها بدقة نحو الفئات المستحقة، إلى جانب مراجعة هيكلة الأجور في القطاع العمومي، هي شروط أساسية للخروج من دائرة العجز الهيكلي وتحرير المزيد من الموارد للاستثمار والإصلاحات الهيكلية.
ويحذر تقرير المعهد العربي لرؤساء المؤسسات من المخاطر الكامنة خلف استمرار ارتفاع النفقات غير المنتجة، إذ يمكن أن تتسبب في تدهور مستوى الخدمات العامة وإعاقة مشاريع التنمية، إلى جانب زيادة الاعتماد على القروض سواء المحلية أو الخارجية. وينبه ذات التقرير إلى أهمية تبني سياسات تمكن من ضبط التوازنات المالية وإعادة توزيع الموارد بما يخدم النمو وتنويع الاقتصاد المحلي.
في ضوء هذه المعطيات، يبقى الرهان الأساسي بالنسبة لصناع القرار في تونس هو القدرة على تحقيق توازن عادل بين الاستجابة للحاجات الاجتماعية الملحة والتحكم في كلفة النفقات الجارية، بما يسمح بإعادة توجيه الاقتصاد الوطني على مسار أكثر استدامة واستقرارًا.