طفرة قياسية في إنتاج الحبوب بتونس تدفع البلاد لتقليص وارداتها وتحقيق الاكتفاء
سجّل القطاع الفلاحي في تونس تطوراً لافتاً لموسم 2025/2026، وفق تقارير دولية وبيانات رسمية، حيث باتت البلاد قريبة أكثر من أي وقت مضى من تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الحبوب، لا سيما القمح الصلب. وأكد تقرير حديث صادر عن وزارة الزراعة الأميركية (USDA) أن تونس تستعدّ لجني محصول يعد من بين الأعلى في تاريخها.
وبحسب البيانات، تشير التوقعات إلى ارتفاع إنتاج الحبوب هذا الموسم بنسبة ملحوظة، ليصل إلى حوالي 1.8 مليون طن حسب وزارة الزراعة التونسية، مقارنة بالمواسم السابقة التي تأثرت بصعوبات مناخية ونقص الأمطار. ويعود هذا التحسن الكبير بشكل أساسي إلى الظروف المناخية الملائمة والرؤية الاستباقية في دعم المزارعين وتوفير البذور المختارة والتقنيات الحديثة.
وأوضح التقرير أن تعزيز إنتاج الحبوب سيسهم بشكل مباشر في خفض فاتورة واردات تونس من القمح والشعير. وتشير التقديرات إلى إمكانية تراجع حجم الواردات بشكل ملحوظ لأول مرة منذ سنوات، ما يخفف الضغط على الميزان التجاري ويعزز الأمن الغذائي الوطني.
من جانبه، أفاد مصدر مسؤول في وزارة الفلاحة أن هذه المؤشرات الواعدة جاءت نتيجة تنفيذ سياسات حكومية لتشجيع الفلاحين على التوسع في زراعة الحبوب وتوفير الدعم الفني والمالي المطلوب. وقد شهدت عدة ولايات على غرار القيروان وباجة وسليانة إنتاجية قياسية بفضل انتظام التساقطات وتحسّن أساليب الري والزراعة.
ويتوقع أن يغطي الإنتاج الوطني الجزء الأكبر من الاستهلاك المحلي، خصوصاً من صنف القمح الصلب الذي تستعمله تونس بكثافة في الصناعات الغذائية. مع ذلك، يرى مختصون أن الطريق نحو الاكتفاء الكامل يحتاج إلى استمرارية في تحسين البنية التحتية الزراعية ومزيد من الاستثمارات، إضافة إلى حلول مبتكرة لمجابهة التغيرات المناخية.
في ظل هذه النتائج الإيجابية، تبرز تونس كمثال على قدرة بلدان المغرب العربي على استغلال الإمكانات الطبيعية والبشرية لتحقيق الأمن الغذائي ومدّ الأسواق المحلية باحتياجاتها الأساسية. ويخضع موسم الحصاد الحالي لمراقبة دقيقة من كافة الأطراف المختصة لضمان جودة المحصول وتوفيره بشكل عادل للأسواق، دون الإخلال بالتوازنات الاقتصادية والبيئية.
يجدر بالذكر أن الوصول إلى مستويات عالية من الإنتاج المحلي في الحبوب من شأنه أن يدعم الاقتصاد الوطني ويمنح تونس هامشاً أكبر من المرونة تجاه التقلبات العالمية في أسعار الغذاء، خاصة وسط تحديات الأسواق الدولية المستمرة.