عصابات دولية تسرق زيت الزيتون التونسي وتعيد بيعه كمنتج أوروبي
يُعتبر زيت الزيتون التونسي من أنقى وأهم أنواع الزيوت في العالم، ويحظى بسمعة عالمية لجودته العالية وقيمته الغذائية، مما يجعله أحد أبرز الصادرات الفلاحية للبلاد ومصدراً مهماً للعملة الصعبة.
غير أن هذا “الذهب الأخضر” لم يسلم من مطامع شبكات الجريمة المنظمة، حيث كشفت تقارير وتحقيقات دولية أن عصابات إيطالية وإسبانية عملت خلال السنوات الماضية على الاستفادة المالية الضخمة من زيت الزيتون التونسي، وذلك عبر شراء كميات ضخمة من المنتج التونسي الأصلي بأسعار زهيدة ثم إعادة تعبئته وبيعه في الأسواق العالمية تحت علامة “صنع في إيطاليا” أو “صنع في إسبانيا”.
وفي عدة حالات، استولت مافيات دولية على شحنات كاملة من زيت الزيتون التونسي الممتاز، على غرار ما حدث مع ماركة “تيرا ديليسّا” التي تعرضت إحدى شحناتها للسرقة من عصابات وفق تقارير إعلامية أمريكية. وتستغل هذه العصابات ضعف آليات الرقابة والتتبع في الأسواق العالمية ووجود ثغرات في مسارات تصدير الزيوت من تونس، ما يتيح لها تهريب المنتجات وإعادة تصديرها بعلامات مزوّرة، محققة بذلك أرباحاً طائلة على حساب الفلاحين التونسيين وسمعة المنتَج الوطني.
كما أشار عدد من الخبراء ونشطاء القطاع الفلاحي إلى وجود تواطؤ أحياناً من بعض الوسطاء المحليين ومسؤولين في مؤسسات مختصة بالزيت، مما يسهل تمرير العمليات غير القانونية دون اكتشافها في الوقت المناسب.
إن هذه الظاهرة تهدد الصناعة الفلاحية التونسية وتضيّع على الدولة موارد مالية هامة، إضافة إلى تشويه صورة زيت الزيتون التونسي في الأسواق الخارجية. وطالب العديد من المهنيين وممثلي القطاع بضرورة التشديد على رقابة مسالك التصدير وتعزيز إجراءات تتبّع المنتج التونسي عالمياً، وذلك من أجل حماية هذا الإرث الوطني ومكافحة نفوذ العصابات الدولية التي تستغل ثروات البلاد.
ويبقى زيت الزيتون التونسي، رغم تلك المخاطر، رمزا للجودة والأصالة، ما يدفع القطاع لمواصلة النضال من أجل تعزيز مكانته الحقيقية في المشهد العالمي وحمايته من محاولات الاستغلال غير المشروع.
