فسقية الأغالبة في القيروان تثير الغضب بسبب الإهمال وتدهور حالتها
أثارت صور جديدة التقطها مواطنون ونشرت على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي استياءً واسعاً في مدينة القيروان، حيث أظهرت الحالة المزرية التي بلغتها فسقية الأغالبة، أحد أشهر المعالم التاريخية في تونس وأبرز نقاط الجذب السياحي بالقيروان. هذه الصور كشفت عن تدهور واضح للبنية التحتية للفسقية وانتشار الإهمال في محيطها، ما دفع الأهالي ونشطاء المجتمع المدني إلى دق ناقوس الخطر حول واقع التراث الحضاري في المنطقة.
وفي هذا السياق، عبر العديد من المرشدين السياحيين عن خيبة أملهم إزاء الصورة السلبية التي قد تستقر بأذهان السياح الأجانب بعد زيارتهم لهذا الموقع التاريخي العريق. وأكدوا أنّ الفسقية لم تعد فقط تعكس صورة القيروان، بل باتت تكشف أيضاً عن الإهمال الذي يطال المعالم الأثرية في تونس، ما يمس بسمعة القطاع السياحي في البلاد.
وقال أحد المرشدين السياحيين: “يؤسفني أن أُضطَر لتفسير أسباب هذا الوضع للسياح الذين لطالما سمعوا الكثير عن عراقة القيروان، فإذا بهم يجدون معالمها الرئيسية في حالة يرثى لها”، مشيراً إلى أن العديد من الزوار عبّروا بدورهم عن استغرابهم لغياب الصيانة والعناية بهذا الموقع التاريخي.
ولم يتوقف النقد عند هذا الحد؛ فقد شهدت منصات التواصل حملة واسعة تطالب السلطات المحلية وهيئة حماية التراث بالتدخل السريع لإنقاذ فسقية الأغالبة من المزيد من التدهور، مطالبين بخطط عاجلة للترميم والصيانة بدلاً من تركها تنهار تحت وطأة الزمن والتقلبات المناخية.
وكانت بعض المبادرات الفردية والجماعية السابقة، مثل طلاء سور الفسقية بمادة “الجير الأبيض” أو إصلاح بعض الأجزاء المتضررة، قد أثارت هي الأخرى جدلاً بين مختصين في التراث، حيث رأى البعض أنها حلول سطحية قد تزيد الوضع سوءًا إذا لم تكن ضمن خطة علمية متكاملة تراعي القيمة الأثرية للموقع.
يذكر أن فسقية الأغالبة تعد من أهم المعالم الإسلامية الضخمة في العالم، إذ يعود تاريخها إلى القرن التاسع الميلادي، وظلت لقرون رمزاً للهندسة المائية العباسية وجاذباً لملايين الزوار سنوياً. واليوم، باتت في أمس الحاجة إلى استراتيجيات صيانة وترميم تحفظ مكانتها وتصون ذاكرتها التاريخية.
يتجدد النقاش كل عام حول حماية معالم القيروان وصيانة إرثها، إلا أن الواقع في فسقية الأغالبة اليوم أضحى انعكاساً لإشكاليات أعمق تتعلق بسياسات حماية التراث والإشراف عليه، ما يطرح أسئلة جوهرية حول رؤية تونس لمستقبل تراثها وتثمينه عالمياً.