قراءة جديدة في توازن علاقات تونس مع واشنطن وطهران
انتشرت في الآونة الأخيرة تحليلات تزعم أن تونس تتجه نحو تقريب علاقاتها مع إيران بشكل يهدد مصالحها مع الولايات المتحدة. إلا أن نظرة متعمقة إلى مسار الدبلوماسية التونسية تكشف أن الواقع أكثر تعقيداً، ولا يشير بالضرورة إلى انحياز كامل لأي طرف على حساب الآخر.
شهدت العلاقات بين تونس وإيران تطوراً تدريجياً خلال السنوات القليلة الماضية، خاصة بعد إعلان تونس في يونيو 2024 عن إعفاء الإيرانيين من تأشيرة الدخول، وهو ما اعتُبر خطوة رمزية تشير إلى فتح قنوات جديدة للتعاون بين البلدين. ويرى بعض المراقبين أن تحسن العلاقات بين تونس وطهران جاء في ظل محاولات تونس لتعزيز شراكاتها الدولية، وتنويع خياراتها الاقتصادية والدبلوماسية في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.
ومع ذلك، تشير مصادر مطلعة إلى أن هذا التقارب لا يعني بالضرورة تراجع العلاقة بين تونس والولايات المتحدة. فالروابط بين تونس وواشنطن ما زالت متينة، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب والدعم الاقتصادي. وتواصل تونس الحفاظ على تواصلها المستمر مع الإدارة الأميركية من أجل ضمان مصالحها الاستراتيجية والحصول على الدعم اللازم في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية الداخلية.
أما عن مدى التوافق بين تونس وإيران، فتظهر المؤشرات أن التعاون بين الجانبين ما زال محدوداً في طبيعته، ويركز على مسائل ثقافية ودبلوماسية أكثر منه على شراكة استراتيجية عميقة. وقد أعلنت الحكومة التونسية مراراً تمسكها بسياسة الحياد واعتماد الحوار والتوازن في علاقاتها مع مختلف الفاعلين الدوليين، دون الالتفاف إلى الاستقطابات والصراعات الإقليمية.
خلاصة القول، إن السياسة الخارجية التونسية تبدو قائمة على التوازن وتعدد الشركاء، دون الانحياز إلى محور معين. وبالرغم من مظاهر التقارب الأخيرة مع إيران، تظل علاقات تونس مع الولايات المتحدة ذات أهمية مركزية ولم تتأثر سلباً بالشكل الذي تصورته بعض التحليلات. ويظل المستقبل مفتوحاً أمام تونس لتعزيز شراكاتها الدولية بشكل متزن يخدم مصالحها الوطنية.