قرار قضائي فرنسي جديد يمنع تسليم بلحسن الطرابلسي للسلطات التونسية
أصدرت محكمة الاستئناف في العاصمة الفرنسية باريس يوم الأربعاء الموافق 12 نوفمبر 2025، حكمًا برفض تسليم بلحسن الطرابلسي، صهر الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، إلى تونس، وذلك رغم مطالبات القضاء التونسي بمحاكمته في عدة قضايا. يأتي هذا القرار ليعزز موقف الدفاع الذي لطالما شكك في عدالة الإجراءات التي رافقت طلب التسليم، مشيرًا إلى دوافع سياسية محتملة وتأثير الأوضاع الداخلية في تونس على ملف الطرابلسي.
وتجدر الإشارة إلى أن القضاء التونسي يلاحق بلحسن الطرابلسي في خمس قضايا مختلفة تتعلّق في أغلبها بتهم فساد مالي واستغلال النفوذ خلال فترة حكم بن علي، حيث يعتبر الطرابلسي أحد أبرز رموز السلطة القديمة والمتهمين بالاستفادة من مواقعهم لتحقيق مصالح شخصية على حساب المال العام.
القرار الصادر في باريس لم يكن مفاجئًا، إذ جاء منسجمًا مع حكم سابق صدر سنة 2021 عن محكمة الاستئناف في إيكس أون بروفانس، والذي نصّ أيضًا على رفض تسليمه إلى تونس. وقد استند القضاة الفرنسيون في قرارهم الأخير إلى معطيات تتعلق بحقوق الإنسان وإمكانية عدم توفر محاكمة عادلة للطرابلسي في تونس، وفق ما أكده محاموه خلال جلسات الاستماع.
ويرى مراقبون أن هذا الملف يعكس تعقيدات التعاون القضائي بين البلدان، خصوصًا في القضايا ذات الطبيعة السياسية، في ظل تباين المفاهيم المتعلقة بعدالة المحاكمة وضمان حقوق المتهمين. كما أثار الحكم جدلاً واسعًا داخل الأوساط التونسية، حيث عبّرت بعض الجهات الحقوقية عن استيائها مما اعتبرته ركونًا فرنسيًا للمخاوف المتعلقة بعدالة القضاء في بلادهم، في حين اعتبر آخرون أن القرار الفرنسي ضربة لمساعي محاسبة رموز النظام السابق.
من جهته، لا يزال بلحسن الطرابلسي متواجدًا على الأراضي الفرنسية منذ فراره من تونس عقب ثورة 2011، مستفيدًا من الحماية التي يوفرها النظام القضائي الفرنسي في مثل هذه الملفات، فيما تؤكد السلطات التونسية أنها لن تتوقف عن المطالبة بتسليمه لمواجهة العدالة التونسية.
وفي خضم هذه التطورات، يبقى مصير الطرابلسي معلقًا بين إجراءات القضاء الفرنسي والمطالبات التونسية، كما يسلّط الملف الضوء على التحديات التي تواجه العدالة الانتقالية في تونس بعد أكثر من عشر سنوات على الإطاحة بالنظام السابق.
