ماهر قعيدة: القطاع البنكي التونسي يُحقق أرباحًا غير مسبوقة رغم الإضرابات

شهد القطاع المالي التونسي شللًا شبه كامل لمدة يومين، إثر الإضراب العام الذي دعت إليه الجامعة العامة للبنوك والمؤسسات المالية المنضوية تحت الاتحاد العام التونسي للشغل. أتى هذا الإضراب احتجاجًا على جمود المفاوضات بشأن زيادات الأجور، ما تسبب بإغلاق معظم فروع البنوك وتوقف الخدمات المالية بشكل ملحوظ في كامل أنحاء الجمهورية، بحسب شهادات وإحصائيات نقابية أكدت أن نسبة المشاركة تجاوزت 80%.

وفي خضم هذه التحركات الاجتماعية، صرّح الخبير الاقتصادي والمحاسب القانوني ماهر قعيدة، مؤسس شركة “ABC – Audit & Business Consulting”، بأن البنوك التونسية تُصنف من بين الأكثر تحقيقًا للأرباح على مستوى العالم. وأشار قعيدة إلى أن طبيعة المنظومة البنكية المحلية، التي ارتكزت على الفوائد المرتفعة والرسوم البنكية المتعددة، مكنت المؤسسات المالية من تحقيق أرباح كبيرة حتى في سياق الركود الاقتصادي والضبابية المالية التي تشهدها البلاد.

وأضاف قعيدة أن هذا الأداء المالي المرتفع لم يقابله تحسن حقيقي في جودة الخدمات أو دعم الاقتصاد الوطني بشكل فعلي. بل على العكس، اعتبر أن تركيز البنوك على تعظيم الأرباح جرى أحيانًا على حساب دورها في تمويل المشاريع المنتجة أو مساندة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، ما انعكس سلبًا على النمو الاقتصادي وعمّق الإحساس بالاحتقان الاجتماعي.

من جانب آخر، أكد عدد من الخبراء أن الإضراب البنكي الأخير لا يُعد فقط صراعًا على الأجور، بل هو مؤشر على تحديات أعمق تواجهها المنظومة المالية التونسية، في وقت تزداد فيه الضغوطات الاقتصادية والاجتماعية من جهة واحتياجات السوق من جهة أخرى.

وقد عبر عدد من المواطنين وأصحاب المؤسسات عن تذمرهم من تداعيات الإضراب، خاصة أن توقيته تزامن مع فترة صرف أجور الموظفين وتسوية المعاملات المالية الضرورية. وتبقى عودة النشاط البنكي واستقرار القطاع رهين تجاوب الأطراف المعنية مع مطالب الشغيلة، إلى جانب الحاجة لإعادة النظر في هيكلة القطاع البنكي وتفعيل دوره كمحرك حقيقي للاقتصاد الوطني.

يُذكر أن المشهد الراهن يضع البنوك تحت مجهر الرأي العام، بين انتقادات للنموذج الربحي الذي تتبعه ودعوات لإصلاحات جذرية تُحقق توازنًا بين مصالح المؤسسات المالية واحتياجات الاقتصاد والمجتمع.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *