مبادرة برلمانية تونسية لتأجيل سداد الديون: جدل بين الطموح الاقتصادي والتحديات القانونية
تقدّم سبعة أعضاء من مجلس نواب الشعب التونسي بمقترح لتعديل أحكام قانون المالية لسنة 2026، يتضمن طلب تأجيل سداد الديون الخارجية لتونس لمدة خمس سنوات. ويسعى المقترح إلى توجيه الأموال التي كان من المقرر تخصيصها لخدمة الديون نحو صندوق سيادي شعبي يُعنى بالاستثمار في قطاعات استراتيجية مثل الطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية.
يطرح هذا البرنامج الطموح نقاشًا واسعًا في الساحة الاقتصادية والسياسية بالبلاد، لاسيما في ظل الضغوط المالية التي تواجهها تونس. ويسعى النواب الداعون للمقترح إلى تمكين الدولة من التغلب على تحديات التنمية ودفع عجلة الاستثمار والإنتاج الداخلي عبر تجيير موارد الدولة نحو أولويات وطنية.
ورغم التأييد الذي حظي به المقترح من بعض الأطراف السياسية والاجتماعية، إلا أن المسألة تُثير أيضًا العديد من المخاوف سواء على المستوى الاقتصادي الدولي أو المحلي. إذ يوجب القانون الدولي، وبخاصة الاتفاقيات المبرمة بين الحكومات الدائنة والحكومة التونسية، ضرورة الدخول في مفاوضات مع الأطراف الدائنة قبل اتخاذ أي قرار بالتجميد. ويُعتبر إخلال الدول بالاتفاقيات المالية القائمة إجراءً محفوفًا بالمخاطر، إذ قد يؤدي إلى خفض تصنيفات البلاد الائتمانية وصعوبة الحصول على تمويلات مستقبلية، ناهيك عن تأثير ذلك على سمعة تونس في الأسواق العالمية.
من جهة أخرى، يرى مؤيدو المقترح أن الظروف الاقتصادية الحالية تستوجب حلولًا استثنائية، وأصبح من الضروري إرساء سياسات مالية جديدة تساعد على تحريك الاقتصاد ومعالجة الأولويات التنموية للمواطنين. كما يطالب هؤلاء بفتح حوار وطني واسع يشمل الحكومة، والهياكل المالية، والشركاء الاجتماعيين، لتحديد آليات التفاوض مع الأطراف المقرضة بما يضمن مصالح البلاد دون تهديد استقرارها المالي.
بين التشجيع والتحفظ، يبقى اقتراح تجميد سداد الديون رهين تطورات المشاورات المرتقبة محليًا ودوليًا، حيث سيتبين ما إذا كان بالإمكان تحقيق توازن بين الحاجة الإنمائية وتحديات الالتزامات القانونية الدولية.
