مبادرة برلمانية لتعليق سداد الديون وتحويل مخصصاتها لصندوق سيادي جديد
شهد البرلمان التونسي مؤخرًا نقاشًا حيويًا حول مقترح تشريعي تقدم به خمسة عشر نائبًا، يقضي بتجميد دفع مستحقات الديون العامة، سواء الداخلية أو الخارجية، لمدة خمس سنوات قادمة بما في ذلك الديون قصيرة الأمد. يأتي هذا المقترح في إطار مشروع قانون المالية المزمع مناقشته لعام 2026، ويهدف إلى معالجة الضغوط المالية التي تثقل كاهل الميزانية الوطنية بشكل متزايد.
ويقترح البرلمان، تحت قيادة النائب أحمد سعيداني، ألا توجه الاعتمادات المخصصة عادة لسداد الديون إلى الدائنين، بل أن يتم رصدها في “الصندوق السيادي الشعبي”، وهو هيكل جديد ستناط به مهمة تسخير هذه الموارد لصالح التنمية والاستثمار. ويأمل المشرعون من خلال هذه الخطوة في إعادة توجيه الموارد المالية نحو أولويات المواطنين، مثل دعم الاقتصاد المحلي وتأمين الاحتياجات الاجتماعية الملحة.
وقد أثار هذا التصور غير التقليدي جدلاً واسعًا في الأوساط الاقتصادية والقانونية، خاصة وأن تعليق سداد الديون يمثل خيارًا صعبًا ومعقدًا من الناحية القانونية والدبلوماسية. ويستند داعمو الاقتراح إلى بعض السوابق في القانون الدولي التي تجيز للدول المتعثرة اقتصادياً التفاوض على إعادة جدولة أو تعليق الديون، شريطة إثبات الظروف القاهرة واستنفاد الوسائل التقليدية الأخرى. إلا أن المعارضين يحذرون من تداعيات سلبية على تصنيف البلاد الائتماني وثقة المستثمرين، بالإضافة إلى المخاطر المحتملة على العلاقات المالية مع المؤسسات الدولية.
ويجري حاليًا تداول المقترح ضمن لجان البرلمان المتخصصة، في انتظار مزيد من المناقشات حول تفاصيله وانعكاساته القانونية والاقتصادية قبل عرضه للتصويت النهائي في الجلسات العامة. تبقى الأنظار متجهة إلى البرلمان لمواكبة تطورات هذا المشروع الجريء وتداعياته على مستقبل السياسة المالية في تونس.
