مخرج تونسي يواجه الجوع في باريس احتجاجاً على تجاهل مؤسسي

في أحد شوارع باريس الهادئة، وتحديداً أمام مقر المركز الوطني للسينما، تجسد معاناة الفنانين الوافدين في قصة المخرج والباحث التونسي نادر عياش، الذي دخل في يومه الثاني عشر من إضراب عن الطعام. رغم الإنجازات التي حققها في مسيرته الفنية والأكاديمية، يواجه عياش اليوم تهميشاً قد يصل إلى حد القسوة. داخل خيمته الصغيرة، وعلى وقع رياح الشتاء الفرنسية الباردة، يصارع جسده المتعب وعيونه المتنبهة في آنٍ معاً، أملاً في إيصال صوته إلى المؤسسات الرسمية.

نادر عياش، البالغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً، وصل إلى باريس لإكمال دراسته العليا، وسرعان ما أثبت حضوره في الأوساط السينمائية، ليصبح اسمه معروفاً ضمن دوائر المثقفين والفنانين المغتربين. لكنه اليوم، يجد نفسه يرفع راية الاحتجاج بعد سنوات من السعي الدؤوب والعمل الإبداعي. إضرابه عن الطعام لم يكن خياراً سهلاً، بل جاء تعبيراً عن شعور متنامٍ بالتجاهل من قِبل الأجهزة الثقافية الفرنسية، خاصة بعد مواجهته لصعوبات جمة في استكمال إجراءات معيشته ومشروعه العلمي.

حاول عياش التواصل مع عدد من المسؤولين وصناع القرار أملاً في إيجاد حل لمشكلته، غير أن جهوده اصطدمت بصمتٍ رسميٍ مطبقٍ. الخيمة المنصوبة في شارع راسباي لم تصبح فقط مأواه المؤقت، بل تحولت إلى رمز لمعاناة كثيرين ممن يخوضون معركة إثبات الذات في أوطان جديدة لا تعترف دوماً بجهودهم. أمام هذا الواقع، يجد عياش نفسه بين نار التحدي للخروج من مأزق البيروقراطية، وشبح الانهيار الجسدي نتيجة الجوع.

قصة نادر لا تحتمل التجاهل، إذ تعكس بوضوح هشاشة الوضع الذي يعيشه الفنانون والطلبة الأجانب في بيئة غير مستقرة اقتصادياً وإدارياً. وعلى الرغم من التضامن الذي أبداه بعض زملائه ونشطاء المجتمع المدني، لا تزال الاستجابة الرسمية غائبة. يطالب عياش اليوم بحقوق واضحة تضمن كرامته واستمراره في عمله البحثي والإبداعي داخل فرنسا.

قد تكون معركة نادر عياش رمزاً لصراع أوسع يعيشه المبدعون المهاجرون الذين يُحتفى بنجاحاتهم، ثم يُتركون يواجهون مصيرهم وحدهم في مواجهة المؤسسات. ويبقى انتظار القرار حاسماً في تحديد مصير شاب اختار أن يحتج بصمت، وأن يجعل من جسده منبراً لرسالة أعمق من مجرد مطلب شخصي.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *