مطالبات بخفض سن المسؤولية الجزائية للأطفال تثير جدلاً قانونياً في تونس

أثار مقترح خفض سن عدم المؤاخذة الجزائية للأطفال إلى عشر سنوات في تونس جدلاً واسعاً بين الخبراء القانونيين والمدافعين عن حقوق الطفل. وفي هذا السياق، حذّرت الأستاذة المحامية نادية الشواشي من خطورة توجّه بعض الأصوات نحو تبنّي هذا التغيير، معتبرة أن سنّ هذا المقترح لا يتماشى مع المعايير والاتفاقيات الدولية.

وأشارت الشواشي إلى أن خفض سن المسؤولية الجزائية يتعارض مع نتائج الأبحاث العلمية المعاصرة، التي تؤكد أن الأطفال في سن العاشرة وما دونها لم يستكملوا بعد نمو الإدراك ومسؤولية التمييز بين الأفعال. وأضافت أن التعامل مع الأحداث بموجب قوانين تعزّز العقوبات يُعد خروجاً عن التوجهات الدولية التي تركز على حماية الطفولة واتباع نهج الإصلاح والتقويم، لا المعاقبة والتجريم.

وأوضحت المحامية أن مجرد إمكانية محاكمة طفل لم يتجاوز العاشرة من عمره يحمل مخاطر قانونية واجتماعية كبيرة، فقد تفضي هذه السياسات إلى إدخال الأطفال في دوامة العدالة الجنائية بشكل مبكر، الأمر الذي قد يُضعف فرص إعادة تأهيلهم واندماجهم في المجتمع.

ويجدر بالذكر أن غالبية الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل، تدعو إلى عدم محاكمة الأطفال قبل بلوغهم السن الذي تُحدده الدراسات النفسية والاجتماعية، وغالباً ما يكون بين 12 و14 سنة. كما تؤكد القوانين الدولية أن العدالة الموجّهة للأطفال يجب أن تهدف إلى الإصلاح، مع ضرورة أخذ ظروف الطفل ونشأته بعين الاعتبار.

وفي الوقت الذي تتواصل فيه المناقشات حول هذا المقترح الجديد في تونس، يطالب العديد من المختصين والفاعلين بضرورة التركيز على تطوير منظومة الحماية والإحاطة النفسية والاجتماعية للأطفال، عوضاً عن تشديد العقوبات أو توسيع دائرة المؤاخذة الجزائية فئات عمرية أصغر. ويشدد هؤلاء على أن رعاية النشء ووقايتهم مسؤولية مجتمعية تتطلب تضافر الجهود بين جميع المتدخلين، بما يضمن الحفاظ على مصلحة الطفل الفضلى ومبادئ العدالة كما نصت عليها المعايير الدولية.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *