معظم الجالية التونسية بالخارج يفضلون الاستقرار خارج الوطن في الوقت الراهن
أظهرت دراسة اجتماعية حديثة أن أغلب التونسيين المقيمين في الخارج لا يخططون للعودة النهائية إلى تونس في الفترة الحالية. وكشفت نتائج المسح، الذي أجرته إحدى المؤسسات المختصة في شؤون الجالية، أن حوالي 59% من التونسيين بالخارج أفادوا بعدم نيتهم مغادرة بلدان إقامتهم والعودة للاستقرار في الوطن الأم، بينما عبر 21% عن حالة تردد مستمرة بشأن قرار العودة، في حين أن عشرين بالمائة فقط من المشاركين أعربوا صراحة عن رغبتهم في العودة إلى تونس.
وتأتي هذه الأرقام في ظل استمرار التحديات الاقتصادية والاجتماعية في تونس، التي تدفع قطاعات واسعة من الجالية في المهجر إلى تفضيل البقاء في البلدان التي يقيمون فيها، أملاً في ضمان استقرار أفضل لهم ولعائلاتهم. ومن بين العوامل الأساسية التي تعيق رغبة العودة، استمرار ضعف الفرص الاقتصادية، وتزايد عدم اليقين بشأن المستقبل، إلى جانب التعقيدات الإدارية المتعلقة بإعادة الاندماج.
وأوضح مدير المؤسسة التي أشرفت على الدراسة أن النتائج تعكس واقعاً معقداً تواجهه الجالية التونسية، حيث يسعى كثيرون إلى تحقيق طموحاتهم بالخارج، مع اعترافهم بحنينهم وحبهم لوطنهم. وأضاف أن العوائق الإدارية وصعوبات الاندماج وخاصة المتعلقة بمجال التشغيل والسكن تمثل حواجز رئيسية أمام العودة، خصوصاً بالنسبة لفئة الشباب الحامل للتكوين العلمي والمهني.
ورغم الجهود الحكومية المبذولة لتشجيع المهاجرين على العودة عبر تبسيط الإجراءات الإدارية وتقديم بعض الحوافز، يبقى تأثير هذه المبادرات محدوداً في ظل استمرار التحديات المعيشية وتفاوت مستوى الخدمات بين الخارج والدخل.
وتعكس هذه الدراسة حاجة ملحة إلى تعزيز السياسات الوطنية لدعم الروابط مع الجالية وتحفيزهم على العودة، ليس فقط عبر تسهيلات ظرفية بل من خلال إصلاحات اقتصادية وهيكلية شاملة تعيد ثقة التونسيين بالخارج في إمكانية بناء مستقبل مشرق داخل الوطن.