منافسة صينية جديدة: تونس تواجِه تحديات في سوق زيت الزيتون العالمي
في السنوات الأخيرة، شهد سوق زيت الزيتون العالمي تحولات ملحوظة مع بروز منافسين جدد من شرق آسيا، وعلى رأسهم الصين. ورغم أن تونس تحتل منذ عقود مكانةً متقدمة بين أكبر منتجي ومصدري زيت الزيتون في العالم، فإن هذا القطاع بات اليوم أمام تحديات متصاعدة مرتبطة بالصعود السريع للمنتج الصيني.
قبل سنوات قليلة فقط، لم تكن الصين أكثر من مستورد نشِط لهذا الزيت الذي يُعد رمزاً للهوية المتوسطية. لكن التحولات الاقتصادية والسياسات الزراعية التي وضعتها بكين ساهمت في تطوير إنتاج زيت الزيتون بشكل لافت، إذ باتت الصين تطمح اليوم لأن تصبح لاعباً مؤثراً في سوق قيمته مليارات الدولارات سنوياً. وتشير التقديرات إلى أن الصين تستحوذ على نسبة هامة من الاستهلاك العالمي، كما بدأت تنتج كميات متزايدة وبجودة تشهد تطوراً مستمراً بفعل الاستثمارات والتعاون مع خبراء من بلدان البحر الأبيض المتوسط.
أمام هذا النمو السريع، تحرص تونس على تعزيز حضورها في الصين بوصفها سوقاً واعدة لصادراتها، حيث كثّفت الجهات التونسية المشغلة للقطاع تحركاتها لتبسيط إجراءات التصدير وتحسين الخدمات اللوجستية، فضلاً عن التركيز على جودة العلامة التونسية. وتسعى تونس إلى الاستفادة من الطلب الآسيوي المتزايد على زيت الزيتون الطبيعي والصحي، ما يسمح لها بتنويع أسواقها وعدم الاكتفاء بالشراكات التقليدية مع أوروبا والولايات المتحدة.
غير أن دخول الصين إلى دائرة المنافسة لا يُعد تهديداً مباشراً لريادة تونس حالياً، بل يعتبر دافعاً لمزيد من الابتكار وتطوير المنتج الوطني، خاصة مع ارتفاع معايير الجودة العالمية وتنامي وعي المستهلكين حول فوائد زيت الزيتون. كذلك تبرز فرص التعاون بين البلدين على صعيد الاستثمارات الزراعية وتبادل الخبرات لرفع قيمة وصادرات كل من الزيت التونسي والصيني.
في النهاية، يظل القطاع التونسي أمام رهانين أساسيين: الحفاظ على تميّزه وجودته في ظل المنافسة الدولية، واستثمار الفرص التي تفتحها الأسواق الصاعدة على غرار الصين لتحقيق المزيد من النجاحات للمنتج التونسي في العالم.
