ميكانيكي تونسي يثير الجدل بتشخيصه لمحرك BMW ويكشف الميل للثقة المفرطة في الرأي الفني

في الأيام الأخيرة، تفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي بتونس مع مقطع فيديو انتشر بشكل واسع لميكانيكي تونسي يعمل في ورشة متواضعة، أُطلق عليه بعفوية اسم “الطيب الميكانيكي”. ظهر هذا الحرفي وهو يشرح تفاصيل تصميم محرك سيارة ألمانية من طراز BMW، مؤكدا بمنتهى الثقة أن صانعي الشركة ارتكبوا أخطاء جسيمة في التركيبة الميكانيكية للمحرك.

تناول الميكانيكي في حديثه تحليلات هندسية متخصصة وقدم آراء حول أسباب تعرض المحرك للأعطال من وجهة نظره الشخصية، متّهماً الشركة الألمانية بعدم إلمامها بتفاصيل صيانة السيارات في الأسواق مثل تونس، وذهب إلى حد التأكيد أن الشركة ارتكبت خطأ «لن يغفره التاريخ ولا صناعته» بحسب وصفه. حاز هذا المقطع على آلاف المشاهدات والتعليقات الساخرة والجادة، بعضها أشاد بثقة الرجل بينما استغرب آخرون هذه الجسارة في نقد علامة عالمية مشهورة.

سلّط هذا الحدث الضوء على ظاهرة نفسية معروفة تسمى “تأثير دانينغ-كروجر”، وهي الميل للمبالغة في تقدير القدرات الشخصية لدى أشخاص ذوي معارف محدودة في مجال معين. ورغم أن لمسة الفكاهة كانت حاضرة في تعليقات الكثيرين، إلا أن النقاش فتح باب التفكير حول الثقة الزائدة بالنفس لدى الجمهور العام في تقييم شؤون تقنية عالية التعقيد دون الرجوع إلى مصادر علمية أو خبراء مختصين.

ورغم أن الطيب الميكانيكي ربما لم يكن يقصد سوى مشاركة تجربته من موقعه العملي، فقد شجع انتشار الفيديو متابعين آخرين على سرد تجارب مشابهة مع منتجات عالمية، مما دلّ على أن ظاهرة الثقة الزائدة بالنفس لا تقتصر على الأفراد، بل قد تأخذ طابعا مجتمعيا أيضاً. وبرزت تساؤلات حول كيفية تربية الأفراد على التواضع المعرفي وأهمية التفرقة بين المعلومة الموثوقة والرأي المبني على الملاحظة فقط، خاصة عندما يكون موضوع النقاش مرتبطاً بتقنيات متطورة مثل هندسة السيارات الألمانية.

يبقى هذا الحدث مثالاً على التأثير الواسع لمقاطع الفيديو البسيطة في صوغ رأي عام والتأثير على النقاش الاجتماعي والثقافي، ويفتح الباب لمزيد من الحوار حول العلاقة بين الخبرة والتواضع المعرفي وأخلاقيات نشر الرأي الفني على المنصات المفتوحة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *