نحو تقييم ضريبة الثروة في تونس: دروس من التجارب العالمية

أثار مشروع إدراج ضريبة على الثروة في قانون المالية لسنة 2026 بتونس جدلًا كبيرًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية. إذ عبّر الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي عن قلقه من تبني هذا الخيار، واعتبره قد يشكل خطأً استراتيجيًا في الوضع التونسي الحالي.

تقوم فكرة ضريبة الثروة على فرض نسبة معينة على إجمالي الممتلكات الخاصة للأشخاص والأسر بما فيها العقارات، الودائع البنكية، والمحافظ الاستثمارية. وتهدف الدولة من خلال ذلك إلى تعزيز موارد الميزانية وتحقيق نوع من العدالة الاجتماعية عبر إعادة توزيع الثروة.

إلا أن التجارب الدولية تكشف عن العديد من التحديات التي اعترضت هذا النوع من الضرائب في عدة دول مثل فرنسا، ألمانيا، وإسبانيا. فعلى الرغم من أن بعض الدول لجأت إلى تطبيق ضريبة الثروة لتحقيق موارد إضافية، إلا أن النتائج الفعلية كانت محدودة في كثير من الأحيان. إذ أدت الإجراءات أحيانًا إلى دفع أصحاب الثروات لنقل أموالهم إلى الخارج أو اللجوء إلى وسائل للتحايل الضريبي، ما قلل من تحقيق العوائد المرجوة.

كما أن فرض ضريبة الثروة يتطلب جهازًا إداريًا فعالًا وشفافًا لضمان العدالة وتفادي التهرب الضريبي، وهذا تحدٍ يضاف إلى تعقيدات الاقتصاد غير الرسمي (الاقتصاد الموازي) المنتشر في تونس. ويرى محللون أن ضعف مردود مثل هذه الضرائب قد يقابله استفحال للتهرب الضريبي واتساع دائرة النشاط الاقتصادي الموازي، خصوصًا إذا لم يتم إعداد آليات مراقبة صارمة.

في المقابل، يعتبر البعض أن ضريبة الثروة قد تساهم بشكل رمزي في تعزيز العدالة الاجتماعية، إلا أن آثارها المباشرة على مداخيل الدولة تبقى محدودة إذا ما قورنت بالتكاليف الإدارية والإجراءات اللازمة لتطبيقها بشكل فعال.

بناء على ما سبق، فإن تونس مطالبة بدراسة مستفيضة لتجارب الدول الأخرى، وتقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على تبني هذا النوع من الضرائب، مع مراجعة شاملة لآليات مكافحة التهرب الضريبي وضبط الاقتصاد الموازي قبل الإقدام على أي قرار نهائي في هذا الملف الحساس.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *