نفقة المطلقة في تونس: بين النص القانوني والتحديات الاجتماعية
أثارت تدوينة للأستاذة هناء بن عبدة، المتخصصة في القانون العام، نقاشاً واسعاً حول واقع حقوق النساء المطلقات في تونس ولا سيما ما يتعلق بحق النفقة بعد الانفصال. فقد بينت أن الواقع القانوني يميز بشكل واضح بين نفقة الأطفال ونفقة الزوجة المطلقة، ما يدفع كثيرات إلى مواجهة صعوبات مالية واجتماعية عقب انتهاء علاقة الزواج.
من الناحية القانونية، ينص النظام القضائي في تونس على أن النفقة تُخصص في أغلب الأحوال للطرف الحاضن للأطفال بعد الطلاق، أي أن الأم التي تواصل رعاية الأبناء هي التي تحصل على المخصصات المالية الضرورية لتغطية احتياجات الصغار، كالسكن والطعام والتعليم. وتبقى هذه النفقة قائمة حتى يبلغ الأبناء سن الرشد القانوني، وبعد ذلك تتوقف تلقائياً ما لم يكن هناك سبب استثنائي (كالإعاقة).
أما الزوجة المطلقة ذاتها، فلا تمنح نفقة خاصة بها إلا إذا أثبتت وجود ضرر واضح أدى للطلاق أو إذا تعذر عليها إعالة نفسها خلال فترة العدة فقط، ثم تسقط هذه النفقة بانتهاء العدة الشرعية. وهذا يؤدي في كثير من الحالات إلى افتقاد النساء المطلقات لأي دعم مادي منتظم، خاصة إذا لم يكن لهن أبناء يحضنهن أو إذا أصبحن بلا مصدر دخل ثابت.
على الجانب الاجتماعي، تبرز الانتقادات القوية للمنظومة السائدة باعتبار أن القانون لا ينصف الكثير من المطلقات، حيث يجدن أنفسهن في مواجهة صعوبات اقتصادية حقيقية بعد انفصالهن، دون وجود شبكة حماية فعالة. وتُطالب منظمات حقوق الإنسان وخبراء القانون بضرورة مراجعة القوانين الحالية لتعزيز الحماية الاجتماعية للنساء بعد الطلاق.
يجدر بالذكر أن تونس شهدت في السنوات الأخيرة اقتراحات عدة لتعديل قوانين النفقة وجراية الطلاق، بما في ذلك فكرة إحداث صندوق لضمان حقوق المطلقات وأطفالهن في حالات تعذر دفع النفقة من الطرف المدين. لكن هذه الإصلاحات ما تزال في طور المناقشة ولم تترجم بعد إلى نصوص سارية المفعول.
تشير حالة النفقة في تونس إلى الحاجة لمراجعة القوانين الحالية وتوفير حلول أكثر عدلاً تضمن كرامة واستقلالية المرأة بعد الطلاق، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية المتسارعة.