نقاشات متزايدة حول مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا: فرص جديدة وتحفظات نقابية
يحتل مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا (ELMED) مكانة بارزة ضمن مساعي تونس لتعزيز تواجدها في سوق الطاقة الأوروبية، حيث يُمثل أول وصلة من نوعها بين أوروبا وأفريقيا عبر التيار المستمر. يأتي المشروع كنتيجة لتعاون وثيق بين الحكومتين التونسية والإيطالية، مع دعم أوروبي وتمويل ضخم تجاوز 460 مليون يورو.
ويهدف الربط الكهربائي البحري الجديد إلى ربط الشبكة التونسية بنظيرتها الإيطالية مما يفتح الباب أمام آفاق لتبادل الطاقة بشكل مباشر وتعزيز أمن التزود بالكهرباء، وكذلك توفير فرصة اتفاقيات تجارية لصادرات الطاقة مع الدول الأوروبية. وترى أطراف حكومية وخبراء القطاع أن المشروع سيكون بمثابة نقلة نوعية في المشهد الطاقي التونسي، إذ سيسمح بتنويع مصادر الطاقة وتعزيز قدرة البلاد على تصدير الكهرباء، بما في ذلك الكهرباء المولدة من الطاقات المتجددة.
من جهة أخرى، أثار المشروع حفيظة بعض الأطراف النقابية التي نبهت إلى ما تصفه بمخاطر اقتصادية واستراتيجية محتملة على البلاد. وتخشى النقابات من أن يؤدي الربط إلى اعتماد تونس بشكل متزايد على الكهرباء المستوردة من أوروبا في فترات ذروة الاستهلاك، مما قد يزيد من التبعية الطاقية، بالإضافة إلى هواجس بشأن تأثيرات المشروع على ميزان المدفوعات الوطني واحتياطي العملة الأجنبية.
في المقابل، يشير المدافعون عن المشروع إلى أنه شهد تعديلات هامة بعد سنة 2011 ليكون ثنائي الاتجاه، أي لا يقتصر فقط على تصدير الكهرباء نحو إيطاليا وإنما يتيح أيضاً إمكانية استيراد الكهرباء الأوروبية لتلبية الحاجيات الوطنية الطارئة، وهو ما يعدونه عنصر قوة يعزز استقرار الشبكة الكهربائية في تونس.
وقد فازت مجموعة “بريسمان” الإيطالية بعقد تنفيذ جزء من هذا المشروع الضخم، مما يدعم ثقة المستثمرين في جدية الخطوات التونسية باتجاه تكريس تحولها إلى مركز إقليمي للطاقة بين أفريقيا وأوروبا. كما يشير مراقبون إلى أن الدعم الأوروبي للمشروع يعكس ثقة المؤسسات الدولية في البيئة الاستثمارية الطاقية لتونس.
وبين التفاؤل الرسمي وتحفظات النقابات، يظل مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا محل جدل واهتمام بالغ، لا سيما مع تزايد الحاجة لسياسات طاقية متكاملة توازن بين متطلبات التنمية الاقتصادية وضمان الأمن والسيادة الطاقية للبلاد.