هل تتغير خريطة سوق زيت الزيتون العالمي مع دخول الصين كمُنتِج؟
في السنوات الأخيرة، برزت تحديات جديدة أمام مكانة تونس كأحد أكبر منتجي ومصدري زيت الزيتون عالميًا، إذ باتت الصين تظهر في المشهد كلاعب ناشئ في هذا القطاع الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات سنويًا. لطالما احتفلت تونس بمواسم جني قياسية أتاحت لها التربع على عرش الإنتاج، حيث من المتوقع في موسم 2025 أن يتجاوز الإنتاج نصف مليون طن، وفق تقديرات رسمية، مما يعزز فرصها في الأسواق الدولية التقليدية مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إضافة إلى أسواق جديدة أبرزها الصين.
ومع ازدياد الطلب على زيت الزيتون في الصين خلال العقد الأخير، تحولت الأخيرة من مجرد مستورد متعطش للزيت المتوسطي إلى دولة تتطلع لتأسيس صناعة محلية منافسة. وشرعت الشركات الزراعية الصينية في الاستثمار في زراعة أشجار الزيتون بمساحات واسعة، مستفيدة من الدعم الحكومي ومن تحسين التقنيات الزراعية الملائمة للمناخ المحلي. هذا التحول يأتي في ظل سعي بكين لتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة وتعزيز الأمن الغذائي الوطني.
ورغم أن الإنتاج الصيني لا يزال بعيدًا عن الأرقام الضخمة لتونس وإسبانيا وإيطاليا، إلا أن نموه المتسارع يثير تساؤلات حول مستقبل الأسواق العالمية. فقد بدأ زيت الزيتون الصيني يدخل تدريجيًا الأسواق الإقليمية وقد يتجه خلال الأعوام القادمة إلى المنافسة على الحصص الدولية، وهو ما يدفع تونس إلى إعادة النظر في استراتيجيات التسويق وإيلاء اهتمام أكبر بالجودة والترويج.
في المقابل، تحاول تونس ترسيخ مكانتها عبر استهداف السوق الصينية المتوسعة، بالاعتماد على خبرة عريقة وسمعة الجودة العالية. وأطلقت تونس حملات ترويجية لتعريف المستهلك الصيني بقيمة زيت الزيتون التونسي الصحي والعضوي. ومع استمرار تقلب الأسعار عالميًا، يبقى الاعتراف بجودة المنشأ التونسي عاملاً حاسمًا لاستدامة مكانتها الريادية.
ختامًا، تبدو المنافسة بين تونس والصين في سوق زيت الزيتون الدولي في بداياتها، إلا أن تحوّلات العرض والطلب والممارسات الإنتاجية الجديدة من شأنها إعادة تشكيل خريطة السوق في المستقبل، وفتح الباب أمام منافسة محتدمة تتطلب من المنتجين التقليديين مواصلة الابتكار والمحافظة على التميز في هذا القطاع الحيوي.
