وجه آخر للفسفاط: من نعمة الاقتصاد إلى تهديد بيئي في تونس وأوروبا

كشفت تقارير صحفية متخصصة عن آثار استخراج وتحويل الفسفاط في تونس، إذ تحوّل هذا المورد الثمين المعروف بـ”ثروة تونس البيضاء” إلى محور جدل بين المنافع الاقتصادية والكوارث البيئية، خصوصاً مع تصاعد الطلب الأوروبي عليه لاستخدامه في قطاعات الفلاحة.

تزود تونس الأسواق الأوروبية بكميات هامة من الفسفاط المستخدم كسماد أساسي في الزراعة، لتقوية التربة وإثرائها بالفسفور والعناصر الحيوية الأخرى. وبلغ إنتاج تونس من الفسفاط في عام 2024 نحو 3.2 مليون طن بحسب مصادر إعلامية، بعد سنوات من التراجع بسبب مشاكل بيئية واجتماعية مرتبطة بالنشاط المنجمي. وتعد دول أوروبا الشمالية والشرقية من أكبر مستوردي الفسفاط التونسي، وهو ما يعزز العائدات المالية للبلاد لكنه يضعها أيضاً في مواجهة انتقادات واسعة بشأن كلفة هذه الصناعة على صحة الإنسان والطبيعة.

ففي المدن والمناطق القريبة من مواقع استخراج الفسفاط، يعاني السكان من ارتفاع معدلات التلوث في الهواء والماء، إضافة إلى تدهور خصوبة الأراضي الزراعية وانتشار أمراض الجهاز التنفسي والحساسيات. وتطالب منظمات بيئية ومدنية تونسية ودولية بمحاسبة الشركات المعنية وتحميلها مسؤولية الأضرار الناتجة وإلزامها باستصلاح الأراضي ومعالجة المياه المستعملة.

يرى خبراء أن استمرار الطلب الأوروبي على الفسفاط التونسي يزيد من تعقيد المشهد، حيث يجد المسؤولون أنفسهم أمام معادلة صعبة بين الحفاظ على القدرة التنافسية في الأسواق العالمية وبين التزامات حماية البيئة وضمان عيش كريم للسكان المحليين. وتبقى مسألة العدالة البيئية مطلباً أساسياً، خاصة مع تزايد الدعوات لإعادة توزيع الأرباح وتحسين ظروف العاملين والساكنة بالمناطق المنجمية.

باختصار، يسلط ملف الفسفاط الضوء على تقاطعات الاقتصاد والسياسة والبيئة في تونس، ويدعو صناع القرار في الضفتين المتوسطيتين إلى العمل المشترك لإيجاد حلول متوازنة تضمن استدامة الموارد وتحترم حقوق الإنسان.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *