إنفاق الأسر التونسية على الغذاء: نظرة شاملة وفق آخر الإحصائيات
تشير بيانات حديثة صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء إلى أن المواد الغذائية تستأثر بالحصة الأهم من ميزانية العائلات التونسية، في ظل الضغوط الاقتصادية وارتفاع الأسعار. ووفق نتائج المسح الوطني للإنفاق والاستهلاك الذي يتم إنجازه بشكل دوري، فإن نسبة الإنفاق الشهري للأسر التونسية على الغذاء تصل إلى حوالي 26% من إجمالي مصاريفها.
وتبرز هذه الأرقام وضعية مغايرة للعديد من الدول، إذ يخصص التونسيون قسماً معتبراً من دخلهم لتلبية الاحتياجات الغذائية، مقارنة بمصاريف السكن والتعليم والصحة أو النقل. ويُعزى هذا الإنفاق المرتفع، بحسب ما أكده المدير المركزي للاحصائيات والظرف الاقتصادي بالمعهد الوطني للإحصاء إلياس العاصمي، إلى ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية وتأثير التضخم السنوي وتراجع القدرة الشرائية.
وتختلف نسبة الإنفاق على الغذاء باختلاف مستوى دخل الأسرة، حيث ترتفع وسط الفئات ذات الدخل المتوسط والمنخفض، وتعد حصة الغذاء أكبر بنسبة ملحوظة في المناطق الداخلية من البلاد مقارنة بالمناطق الساحلية والعاصمة، نتيجة التفاوت في الدخل ومستوى العيش.
كما أوضحت ذات المسوحات أن الحبوب ومنتجاتها تمثل القاعدة الرئيسية للغذاء في تونس، تليها الخضر والفواكه والمشروبات والحليب ومشتقاته. وتفرض هذه المؤشرات تحديات جديدة في السياسات الغذائية والاجتماعية، حيث باتت الأسر تبحث عن حلول لترشيد إنفاقها دون أن ينعكس ذلك سلباً على جودة غذائها وصحتها.
ويأتي هذا الوضع في سياق اقتصادي متقلب، حيث تستمر أسعار المواد الأساسية في الارتفاع مما يثقل كاهل المواطن، ويجعل مسألة الإنفاق الغذائي محط اهتمام ودراسة من قبل الهياكل الوطنية، بغية العمل على تحسين القدرة الشرائية وضمان حد أدنى من الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لجميع المواطنين.
ويُلاحظ في الفترة الأخيرة نزوع بعض الأسر إلى تغيير عاداتها الاستهلاكية والبحث عن بدائل أكثر اقتصادية في ظل محدودية الدخل واشتداد الضغوط المعيشية. وتشكل هذه الظاهرة محور نقاشات مستمرة لدى المختصين وصناع القرار بهدف صياغة سياسات أكثر نجاعاً لمساندة العائلات وتحسين واقع الإنفاق الغذائي في تونس.