ارتفاع غير مسبوق للنقد المتداول خارج البنوك في تونس يتجاوز 26 مليار دينار
سجل الاقتصاد التونسي ظاهرة لافتة في عام 2025 مع بلوغ قيمة الأوراق النقدية والعملات المتداولة خارج المنظومة البنكية أكثر من 26 مليار دينار، في مستوى قياسي لم تعرفه البلاد منذ الاستقلال. ووفقاً لآخر بيانات صادرة عن البنك المركزي التونسي، ارتفعت السيولة النقدية خارج البنوك بما يزيد عن 3.3 مليار دينار مقارنة بذات الفترة من السنة الماضية، لتشكل هذه الكتلة حوالي 15.6% من الناتج المحلي الإجمالي.
هذا الارتفاع اللافت يطرح العديد من التساؤلات حول أسبابه وتداعياته على الاقتصاد الوطني. ويعتبر تزايد النقد المتداول خارج البنوك انعكاساً لاتساع دائرة الاقتصاد الموازي، إلى جانب ضعف الثقة في الجهاز المصرفي وإقبال عدد أقل من التونسيين على الخدمات البنكية والرقمية. ويؤدي هذا الوضع إلى تقييد قدرة البنوك على توفير التمويل اللازم للشركات والأفراد، ما يزيد من حاجة البنوك التونسية للسيولة ويرفع من كلفة الاقتراض ويؤثر سلباً على الاستثمار والنمو الاقتصادي.
ويرى خبراء اقتصاديون أنه حين تتبلور هذه الظاهرة على نطاق واسع، تصبح الدولة عاجزة عن تتبع تدفق الأموال وتحصيل الضرائب بشكل فعال، ما يفاقم من أزمتها المالية ويوسع العجز في الميزانية. كذلك تؤثر هذه الظاهرة في مسار التضخم، حيث يؤدي ارتفاع النقد المتداول خارج البنوك عادة إلى تنشيط الاستهلاك دون مقابل في الإنتاج.
في نفس السياق، تتعالى دعوات المختصين إلى تعزيز الثقة في الجهاز المصرفي وتسريع رقمنة المعاملات المالية، إضافة إلى إصلاح المنظومة الضريبية وتشجيع القطاعات غير الرسمية على الاندماج في الاقتصاد المنظم. هذه الخطوات ضرورية لضمان استقرار الاقتصاد الكلي ومنع تداعيات ارتفاع تداول النقد خارج البنوك على الوضعين الاجتماعي والمالي في تونس.
تظل الأشهر المقبلة شاهدة على مدى قدرة الحكومة والبنك المركزي على كبح اتساع هذه الظاهرة وتحويلها لصالح الاقتصاد الوطني من خلال سياسات نقدية ومالية أكثر فعالية.