احتجاجات ومقاطعة متاجر كارفور: نقاش مجتمعي يتفاقم في تونس

خلال الأشهر الأخيرة، تعيش تونس على وقع جدل متصاعد حول دعوات مقاطعة سلسلة متاجر “كارفور” الفرنسية، وذلك بسبب شراكات الشركة الأم مع مؤسسات إسرائيلية. هذه الدعوات التي انطلقت عبر منصات التواصل الاجتماعي سرعان ما تحولت من مجرد مبادرات فردية إلى احتجاجات ميدانية متفرقة، كان أبرزها المواجهات الأخيرة أمام متجر كارفور بالمرسى.

لم تقتصر حملة المقاطعة على الجانب الاقتصادي، إذ سرعان ما تجاوزت ذلك إلى نقاشات أخلاقية وسياسية عمّقت الانقسامات بين التونسيين. فبينما يرى البعض أن المقاطعة تمثل شكلاً من أشكال التضامن مع القضية الفلسطينية ووسيلة احتجاجية ضد أي تعامل اقتصادي مع إسرائيل، يعتقد آخرون أن اتخاذ قرارات اقتصادية كهذه قد يكون له انعكاسات سلبية على العمالة التونسية في هذه المؤسسات وعلى المستثمرين المحليين.

وكانت نهاية شهر أوت 2025 مسرحًا لمواجهات عنيفة بين بعض نشطاء المقاطعة وحراس أمن متجر كارفور المرسى، ما أثار موجة استنكار جديدة من الجهات الحقوقية والسياسية. هذا التوتر الميداني ألقى الضوء مجددًا على مدى حساسية التوازن بين الالتزام بالقيم والمبادئ الوطنية والإشكاليات المرتبطة بأمن المؤسسات واستمرارية الأسواق.

وأشار بعض الناشطين إلى أن حملات المقاطعة أصبحت تحظى بدعم شريحة واسعة من الشارع التونسي، بينما يخشى آخرون من تداعيات اقتصادية مباشرة تتمثل في فقدان الوظائف أو حتى إغلاق بعض الفروع، كما حدث في دول أخرى على غرار الأردن وسلطنة عمان نتيجة المقاطعات الأخيرة.

وسط هذا السجال المتواصل، تبرز أسئلة محورية حول مستقبل العلاقة بين المستهلكين التونسيين والمؤسسات الأجنبية، وحدود التأثير الفعلي لحملات المقاطعة على السياسات التجارية للشركات متعددة الجنسيات. وتبقى الأوضاع مفتوحة على جميع الاحتمالات، في انتظار تطورات جديدة سواء على صعيد التحركات الاحتجاجية أو ردود فعل كارفور والشركات المماثلة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *