نقص الأدوية في تونس: أزمة متفاقمة وسط تحديات مالية واقتصادية

تعيش تونس خلال الأشهر الأخيرة على وقع أزمة خانقة في قطاع الأدوية، حيث تصاعد النقاش العام بعد تسجيل نقص حاد في الأدوية الأساسية، خاصة أدوية الأمراض المزمنة والسرطان. وقد أثار هذا الوضع قلق المواطنين وداخل الأوساط الطبية والصيدلية، نتيجة صعوبة حصول المرضى على علاجاتهم وتأثير ذلك المباشر على صحتهم وحياتهم.

وتعود جذور هذه الأزمة إلى عدة أسباب متراكمة، أبرزها الأوضاع المالية الصعبة التي تمر بها الصيدلية المركزية التونسية، والتي تراكمت ديونها لفائدة المزودين المحليين والدوليين، ما جعل الكثير من الشركات تتردد في تزويد تونس باحتياجاتها من الأدوية. كما سبق لنقابة الصيادلة الخاصة أن نبهت إلى أن فقدان عدد من الأدوية يرتبط أيضاً بندرة المواد الأولية على المستوى العالمي وارتفاع أسعارها، إضافة إلى اضطرابات التوريد الخارجة عن إرادة السوق التونسية.

ويشير خبراء القطاع إلى أن الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة لسياسات هيكلية لم تُعالج منذ سنوات، من بينها ضعف منظومة الدعم والرقابة ونقص الاستثمار في الصناعات الدوائية المحلية. ولقد تفاقم هذا الوضع مؤخراً، بما أدى إلى نقص أدوية حيوية وعدم قدرتها على تلبية حاجيات المرضى.

لم يُعد غريباً أن يلجأ الأطباء والصيادلة إلى قوائم أدوية بديلة أو توجيه المرضى إلى البحث عن الأدوية في محافظات أخرى أو حتى خارج البلاد. ووفق شهادات متطابقة من القطاع الصحي، فإن بعض المرضى اضطروا لتقليص جرعات علاجهم أو إيقافها مؤقتاً في ظل غياب الدواء، ما تسبب في مضاعفات خطيرة لبعض الحالات وصلت في بعض الأحيان إلى الوفاة، بحسب تقارير إعلامية حديثة.

وفي ظلّ هذا المشهد، تدعو النقابات والمهنيون الصحيون إلى الإسراع في إيجاد حلول عملية وبدائل ناجعة، مع ضرورة تعزيز الشفافية ومراجعة سياسات الدعم وتوفير تمويلات عاجلة لضمان العودة التدريجية لتوفر الأدوية وتجنب تأثيرات الأزمة على المجتمع والصحة العامة في البلاد.

يفتح هذا الملف مجدداً الباب أمام تساؤلات حول مستقبل السياسة الصحية في تونس، والحاجة لإصلاح القطاعات الحيوية وتثمين الصناعات المحلية، حتى لا تتكرّر مثل هذه الأزمات مستقبلاً.

مصادر:
– تصريحات نقابية وإعلامية، مواقع: ديوان إف إم، العين الإخبارية، يورونيوز.
– https://tunisie-telegraph.com/a-la-une-%d8%a2%d8%ae%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1/%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d8%a7%d8%a1-%d9%81%d9%8a-%d8%aa%d9%88%d9%86%d8%b3-%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d9%87%d9%8a%d9%83%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%8a/

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *