تحديات الخطوط التونسية: بين الطموحات الوطنية وضرورات الإصلاح
تدخل الخطوط الجوية التونسية عامها السابع والسبعين في مناخ تهيمن عليه التحديات الكبرى، حيث تواجه الشركة الوطنية مجموعة من الأزمات المالية والتنظيمية التي تهدد بموقعها التاريخي في قطاع الطيران. فرغم أهمية الخطوط التونسية كرمز للسيادة الوطنية وكمشغل استراتيجي يربط تونس بالعالم، فإن واقعها الراهن يكشف عن صعوبات هيكلية متراكمة منذ أعوام.
في الأشهر الأخيرة، ازدادت حدة الأزمة داخل الشركة، مع تصاعد التأخيرات وإلغاء الرحلات خاصة خلال موسم صيف 2025، ما تسبب في تذمر المسافرين وانخفاض مستوى الخدمة. ووفقاً لعدة تقارير، لا ترجع هذه الاضطرابات فقط إلى مشاكل طارئة، بل إلى اختناق إداري وهيكلي طال أمده، حيث تطغى البيروقراطية وضعف الحوكمة على مختلف مستويات المؤسسة.
وعلى الصعيد المالي، وعلى الرغم من تحقيق الشركة زيادة في عائداتها بنحو 4% في النصف الأول من 2025 لتتجاوز 728 مليون دينار تونسي، إلا أن هذه الزيادة ظلت غير كافية لمواجهة عبء الديون الثقيلة التي تقيّد إمكانيات التحديث والاستثمار. يذكر أن الديون قد انخفضت جزئياً عقب إبرام بعض التسويات، إلا أن الخطوط التونسية لا تزال ترزح تحت وطأة التزامات ضخمة لا تسمح لها باستعادة توازنها بسهولة.
وتتفاقم المشاكل الإدارية مع صدور أحكام قضائية ضد الشركة وتعويضات مالية لفائدة المسافرين المتضررين من سوء الخدمات والتأخير، مما يزيد الضغط على الإدارة ويستنزف المزيد من الموارد المالية.
ورغم كل هذه الصعوبات، يبقى مستقبل الخطوط التونسية رهين اتخاذ إجراءات إصلاحية عاجلة تتطلب واقعية في التشخيص وجرأة في اتخاذ القرار، إذ لم يعد ممكناً التعويل على مكانة الشركة كرمز وطني دون مراجعة عميقة للنموذج التشغيلي وهيكلة التسيير.
إن فرصة استعادة بريق الخطوط التونسية ما زالت ممكنة إذا ما تضافرت الجهود لتجديد الأسطول، وتحسين الخدمات، والتخلص من العراقيل الإدارية والمالية التي كبّلت المؤسسة طويلاً. ويبقى الرهان الأساسي اليوم هو إعادة بناء ثقة المسافرين وموظفي الشركة على حد سواء، لضمان بقاء الناقلة الوطنية في أجواء المنافسة الإقليمية والدولية.