ارتفاع كمية الأوراق النقدية التالفة في تونس: العوامل والآثار
شهدت الأسواق التونسية مؤخرًا زيادة ملحوظة في تداول الأوراق النقدية التالفة والممزقة، الأمر الذي أصبح محور اهتمام المواطنين والتجار على حد سواء، وأدى إلى اضطراب في سير بعض المعاملات المالية اليومية.
ويُعزى هذا الانتشار إلى مجموعة من الأسباب الرئيسية حسب تصريحات خبراء الاقتصاد في تونس. أولى هذه الأسباب هو الضغط المتزايد على السيولة النقدية في البلاد، حيث يفضل العديد من المواطنين التعامل بالنقد بدل الشيكات أو وسائل الدفع الإلكترونية، لا سيما في ظل ضعف الثقة في بعض التعاملات البنكية والقانون المتشدد المتعلق بالشيكات، ما حفَّز على تداول أكبر للأوراق النقدية لفترات أطول وأدى إلى استنزاف جودة الفئات المتداولة.
سبب آخر يعود إلى إعادة ضخ كميات كبيرة من الأموال التي كانت محجوزة لدى السلطات الأمنية خلال حملتها ضد تجارة المخدرات والفساد أو التي كانت مخزنة لفترات طويلة لدى بعض المواطنين والمؤسسات، لتعود هذه النقود المتقادمة إلى دورة السوق وتؤثر بذلك على جودة الكتلة النقدية.
من جهة أخرى، ساهمت الأزمة الاقتصادية وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين في زيادة تداول فئات نقدية صغيرة وقِدمها، حيث يضطر الأفراد للاستمرار في استخدامها بالرغم من حالتها المتردية لتغطية احتياجاتهم اليومية، مما أدى إلى استهلاك الأوراق بسرعة دون استبدالها كما ينبغي.
وقد انعكس تدهور حالة النقد الورقي سلبًا على بعض القطاعات، حيث اضطرت بنوك عديدة إلى تعطيل أجهزة الصرف الآلي بصورة مؤقتة لتجنب تلف المعدات بسبب الأوراق التالفة، ما ساهم في تعقيد المعاملات المالية وزيادة الضغط على الموظفين والعملاء.
ويرى بعض المتابعين أن هذه الظاهرة تفرض على البنك المركزي اتخاذ خطوات عملية للإسراع في سحب واستبدال الأوراق القديمة بأخرى جديدة، إضافة إلى تبني إجراءات توعوية تحث المواطنين والمؤسسات على الاعتناء بالنقد الورقي وتنويع وسائل الدفع لتقليل الاعتماد المفرط على السيولة الورقية.
في الختام، فإن استمرار تداول الأوراق النقدية التالفة يشكل إشكالية حقيقية تتطلب تعاونًا مشتركًا بين الجهات المختصة والمواطنين للحد من تداعياتها وضمان سير المعاملات المالية بشكل آمن وسلس في تونس.