التعاون الدولي يدفع تونس لتشديد الضرائب على التبغ للحد من آثاره الصحية

اتجهت تونس في السنوات الأخيرة إلى التصعيد في سياستها المالية لمكافحة التدخين، من خلال تبنّي سلسلة من الإجراءات الحاسمة لرفع الضرائب على السجائر ومنتجات التبغ الأخرى. ويأتي هذا التوجه استجابةً للارتفاع المقلق في معدلات الأمراض المزمنة والوفيات المبكرة الناجمة عن استهلاك التبغ، حيث كشفت تقارير صحية أن تونس تُعد من أكثر الدول العربية تأثراً بهذه الظاهرة، لا سيما مع تسجيل نسب قياسية للأمراض غير السارية مثل السرطان وأمراض القلب والشرايين.

وفي إطار سعيها لتحجيم آفة التدخين، التزمت تونس بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية بتفعيل توصيات صحية صارمة تتعلق ليس فقط بالحملات التوعوية، بل أيضاً بفرض تشريعات وضرائب مالية إضافية، انطلاقاً من قناعة راسخة أن زيادة الأسعار قادرة على تقليص الإقبال على استهلاك السجائر، خاصة بين الفئات الشابة.

وقد أدرجت السلطات التونسية هذه الزيادات ضمن قوانين المالية السنوية، مما أدى إلى ارتفاع واضح في أسعار السجائر المحلية والمستوردة خلال عام 2025، وذلك بالتوازي مع تطبيق ضريبة استهلاك وقيمة مضافة محدثة. وأوضحت الجهات الرسمية أن الغاية الرئيسية من هذه الجباية ليست زيادة موارد الدولة المالية فحسب، بل حماية الصحة العامة والحد من انتشار الأمراض المرتبطة بالتدخين.

وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن رفع الضرائب هو أحد أنجع الأدوات المتاحة لتقليل معدلات التدخين وتقليص الأعباء الاقتصادية والصحية على البلاد. وقد أثبتت التجارب في تونس أن القرار ساهم بالفعل في انخفاض استهلاك التبغ تدريجياً، حتى وإن كان تأثيره يتطلب وقتاً ليظهر بشكل جلي على مؤشرات الصحة الوطنية.

وتؤكد الحكومة التونسية عزمها مواصلة هذه السياسات التقييدية، بينما تحث في الآن ذاته على تكثيف برامج العلاج والدعم للإقلاع عن التدخين، وإشراك المجتمع المدني في جهود التوعية. في النهاية، تمثل هذه الخطوة حلقة في سلسلة الإصلاحات الرامية لتحسين الصحة العامة وحماية الأجيال المقبلة من المخاطر الجسيمة المرتبطة بالتبغ.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *