تحليل اقتصادي: انعكاسات انخفاض التضخم في تونس ومستقبل السياسة النقدية
تطرق الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي في تعليقاته الأخيرة إلى ما أظهرته الإحصائيات الرسمية حول تراجع نسبة التضخم في تونس إلى 5% خلال شهر سبتمبر 2025، مقارنة بـ5.2% في شهر أوت من نفس السنة، مشيرًا إلى أن هذا التراجع يعد مؤشراً مهماً لكنه لا ينعكس بالضرورة على الحياة اليومية للمواطنين أو على أسعار السلع والخدمات الأساسية.
وأوضح الشكندالي أن تراجع معدل التضخم يُنظر إليه من زاوية تقنية فقط، حيث يعبر عن وتيرة ارتفاع الأسعار وليس انخفاضها، وبالتالي لا يعني ذلك بالضرورة نزول الأسعار في الأسواق أو تحسن القدرة الشرائية بشكل ملموس بالنسبة للأسر التونسية. وأكد أن أغلب التونسيين مازالوا يعانون من أسعار مرتفعة، رغم تحسن هذا المؤشر مقارنة بالفترة السابقة.
وأشار الشكندالي إلى أن أسباب التضخم في تونس تعود أساساً إلى مشاكل هيكلية مثل ضعف الإنتاج المحلي، وتعطل الاستثمار، إضافة إلى أزمات التوريد وارتفاع كلفة المواد الأولية عبر العالم، ما يجعل محاربة التضخم عملية معقدة تتخطى السياسات النقدية التقليدية القائمة أساسًا على رفع نسبة الفائدة للحد من الاستهلاك.
واعتبر الشكندالي أن سياسات البنك المركزي التونسي في الترفيع المستمر في نسبة الفائدة خلال السنوات الماضية لم تحقق النتائج المرجوة على مستوى كبح جماح الأسعار أو السيطرة على التضخم، مضيفًا أن استمرار بطء النمو الاقتصادي وتعطل المشاريع الاستثمارية يعمق هذه الإشكالية.
وحول مستقبل السياسات النقدية، رجّح الشكندالي أن البنك المركزي سيكون مُجبراً، في ظل تراجع التضخم الملحوظ، على مراجعة توجهاته نحو تخفيض نسبة الفائدة مستقبلاً بهدف إنعاش الاقتصاد ودعم الاستثمار المحلي، خصوصاً أن استمرار نسب الفائدة المرتفعة قد يُفاقم من الركود الاقتصادي ويعقد من وضعية المؤسسات والأسر على حد سواء.
وختم الشكندالي بأن معالجة التضخم في تونس تتطلب رؤية اقتصادية شاملة تولي أهمية خاصة لدفع الاستثمار وتشجيع الإنتاج الوطني، إضافة إلى اتخاذ إصلاحات هيكلية على مستوى المالية العمومية ونشاط سوق الشغل، لضمان استقرار الأسعار وتعزيز قدرة المواطنين الشرائية على المدى المتوسط والبعيد.