خفض تقييم فرنسا الائتماني: انعكاساته على الاقتصاد التونسي
أحدث قرار وكالة التصنيف العالمية “ستاندرد آند بورز” بتخفيض التصنيف السيادي لفرنسا من “AA-” إلى “A+” هزة في الأوساط المالية الدولية، وأثار جدلاً واسعاً في تونس حول مدى تأثر الاقتصاد الوطني بهذا المستجد، خاصة مع الروابط الاقتصادية الوثيقة التي تجمع البلدين.
فرنسا تعد الشريك الاقتصادي والتجاري الأول لتونس، حيث تستحوذ على الحصة الأكبر في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بالإضافة إلى كونها وجهة أساسية لصادرات تونس، وموطنًا لعدد كبير من الجالية التونسية التي تساهم في تحويل مبالغ مالية هامة سنويًا إلى الوطن.
الخبراء الاقتصاديون في تونس أجمعوا على أن العلاقات الاقتصادية مع فرنسا قوية وتتسم بتشعب كبير، وهو ما يدفع للقلق من احتمال انتقال تأثير القرار الفرنسي إلى تونس. لكن في الوقت ذاته، تشير المؤشرات الأولية إلى أن تداعيات خفض التصنيف على الاقتصاد التونسي قد تكون محدودة على المدى القريب، إذ أن قرارات التصنيف غالباً ما تنعكس أسرع على كلفة الاقتراض وقدرة الحكومات على تمويل العجز المالي بشكل مباشر.
من جانب آخر، يرى بعض المحللين أن تخفيض التصنيف الائتماني لفرنسا قد يضع ضغوطاً إضافية على الاستثمارات والتحويلات المالية، لاسيما في ظل التحديات الاقتصادية العالمية. فارتفاع كلفة الاقتراض لفرنسا يمكنه أن ينعكس على الشركات الفرنسية العاملة في تونس أو المستثمرين الراغبين في ضخ رؤوس أموال جديدة.
لكن رغم هذه المعطيات، يشدد الكثير من المختصين على أن الاقتصاد التونسي يحتاج إلى تنويع أسواقه الخارجية وتقوية شراكاته مع قوى اقتصادية أخرى، لتقليل هشاشته أمام مثل هذه المتغيرات الدولية. ويبقى التأكيد أن الاستقرار المالي الفرنسي يظل له وزن مهم في منظومة اقتصادية يشكل فيها التعاون بين البلدين أحد أعمدتها الرئيسية، الأمر الذي يستلزم المتابعة الدقيقة لأي تغيرات مستقبلية قد تطرأ من جراء هذا التطور الأخير.
وفي المحصلة، وبينما يتابع الفاعلون الاقتصاديون في تونس تطورات المشهد المالي الفرنسي بانتباه، تبدو التداعيات المباشرة ضئيلة حتى الآن، إلا أن المدى المتوسط والطويل سيتوقف على قدرة باريس على تجاوز التحديات المالية والسياسية التي تواجهها، وكيفية تفاعل تونس مع واقع اقتصادي عالمي شديد السيولة والتداخل.
