شبكة إيرانية لتهريب البشر تكشف مسار الأكراد من شمال إفريقيا إلى كردستان العراق

شهد ملف الهجرة غير النظامية من دول شمال إفريقيا إلى أوروبا تطوراً لافتاً في الآونة الأخيرة، مع تزايد كشف شبكات تهريب منظمة لها امتدادات دولية معقدة. ففي مؤتمر صحفي عقدته جمعية المهاجرين العائدين من أوروبا بمدينة أربيل مؤخراً، أعلن عن إعادة أكثر من 300 مهاجر كردي كانوا محتجزين في تونس وليبيا إلى إقليم كردستان العراق خلال العام الجاري، من بينهم 85 مهاجراً عادوا مباشرة من تونس.

هذا الإعلان سلط الضوء مجدداً على أنشطة شبكات التهريب، وبرز اسم مهرب إيراني يُدعى حسن زادة كأحد المنظمين الرئيسيين لهذه العمليات. إذ كشفت التقارير الأمنية أن زادة تمكن من توسيع نشاطه خارج الحدود الإيرانية ليستغل الأوضاع السياسية والاقتصادية الهشة في بعض دول المغرب العربي بتجنيد الأكراد الراغبين في الهجرة، مستخدماً شبكات تواصل واتصالات فعّالة عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وفقاً لتصريحات رسمية ومصادر إعلامية، يستفيد المهربون من غياب التنسيق الأمني الصارم بين بعض دول المنطقة، إضافة إلى سهولة الحركة بين تونس وليبيا، لتسهيل وصول المهاجرين إلى نقاط انطلاق بحرية نحو أوروبا أو لترحيلهم في حالة الفشل إلى دول منشئهم. ويمثل الأكراد جزءًا ملحوظاً من هؤلاء المهاجرين، إذ تدفعهم الظروف المعيشية الصعبة والأزمات السياسية في المنطقة للسفر ضمن مجموعات ينظمها مهربون محترفون.

من الجدير بالذكر أن حسن زادة وعدداً من أمثاله ظهروا بشكل علني في مواد مصورة نشرها بعض المهاجرين، يشكرونه فيها صراحة على “خدماته”، مما أثار تساؤلات داخل الأوساط الأمنية والحقوقية بشأن حجم تغلغل هذه الشبكات في دول المغرب العربي وتأثيرها على الاستقرار الداخلي للمنطقة.

الكشف عن هذه الشبكة أعاد للواجهة النقاش حول ضرورة تكثيف التعاون الدولي والإقليمي، خصوصاً مع اتساع نشاطات التهريب وتطور أساليبه، سواء باستغلال مسارات هجرة جديدة أو عبر تجنيد شبكات محلية في دول العبور والاستقبال. كما أكد مراقبون على أهمية دعم جهود إعادة الاندماج للمهاجرين العائدين وتوفير حلولٍ تنموية تسهم في الحد من انتشار هذه الشبكات.

وبينما تستمر السلطات الأمنية في تتبع خيوط هذه الشبكات وتعمل جمعيات المجتمع المدني على تقديم الدعم للعائدين، يبقى ملف الهجرة المنظمة حديث الساعة في كل من شمال إفريقيا وإقليم كردستان، وسط تساؤلات عن قدرة الدول على ضبط الحدود وكشف المتورطين في تجارة البشر العابرة للحدود.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *