تأثير الإضراب العام في القطاع البنكي: ماهر قعيدة يكشف عن قوة أرباح البنوك التونسية

شهد القطاع المالي والمصرفي التونسي خلال يومي الاثنين والثلاثاء حالة من الشلل شبه التام نتيجة إضراب شامل دام 48 ساعة، دعت إليه الجامعة العامة للبنوك والمؤسسات المالية التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل. جاء هذا التحرّك في إطار مطالبة الموظفين بتحسين واقع الأجور والظروف المهنية في ضوء تصاعد التوترات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وتصاعد كلفة المعيشة بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة.

في تعليقه على هذه التطورات، قال الخبير الاقتصادي والمحاسب القانوني ماهر قعيدة، مؤسس شركة ABC – Audit & Business Consulting والتي تتعاون مع العديد من الشركات المتعددة الجنسيات في تونس، أن الإضراب جاء انعكاساً للأزمة الهيكلية التي تعاني منها المنظومة المصرفية والمالية في تونس، إلا أنه نوّه في المقابل بقوة ربحية البنوك التونسية مقارنة بنظيراتها على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وأوضح قعيدة أن حجم الأرباح التي تحققها البنوك التونسية يعد من بين الأعلى على مستوى العالم نسبةً إلى رأس المال المستثمر، مرجعاً ذلك إلى النسب المرتفعة للفوائد والعمولات المفروضة على مختلف الخدمات المصرفية. وأضاف أن هذه الأرباح الكبيرة لم تنعكس بالشكل المطلوب على موظفي القطاع أو على جودة الخدمات المقدمة للعملاء، ما أدى إلى تفاقم الاحتقان الاجتماعي وارتفاع منسوب المطالبات بتحسين الرواتب وتوفير بيئة عمل أكثر عدالة.

وأفاد قعيدة بأن استمرار الأزمات الاقتصادية وجمود المفاوضات بشأن عقود الشغل والأجور سيزيد من احتمالية تكرار مثل هذه التحركات الاحتجاجية مستقبلاً. كما دعا إلى ضرورة الموازنة بين مصالح المؤسسات المالية ومطالب العمال بما يحقق استدامة القطاع ويعزز دوره الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني.

وفي ظل تصاعد الضغوط الاقتصادية، فإن مشهد الإضراب الأخير قد يكون مؤشراً على تحديات أعمق تتعلق بعلاقة رأس المال البشري بالبنية المالية ككل، خاصة إذا استمرت البنوك في تحقيق أرباح عالية دون تحسين ملموس في أوضاع منظوريها.

من جانبه، عبّر العديد من المتابعين عن أملهم في أن تشكل الأزمة الحالية دافعاً لإطلاق إصلاحات جوهرية تمس توزيع الأرباح وتحسين العلاقة بين الهياكل البنكية وموظفيها، بما يسهم في تطوير الخدمات المالية ويحمي استقرار القطاع مستقبلاً.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *