الصين تدخل بقوة إلى سوق زيت الزيتون وتفرض تحديًا جديدًا على تونس

تشهد سوق زيت الزيتون العالمية تغيرات متسارعة مع بروز الصين كلاعب جديد في ميدان الإنتاج، مما وضع تونس، أحد أبرز منتجي ومصدري زيت الزيتون في العالم، أمام تحديات لم تكن متوقعة قبل سنوات قليلة.

حتى عهد قريب، كانت الصين مجرد مستورد كبير للزيت المتوسطي، حيث توجهت أنظارها نحو الأسواق الأوروبية، وخاصة الإيطالية والإسبانية، لتلبية طلبها المتنامي. لكن تطور الأذواق الصحية لدى المستهلك الصيني وتزايد الاهتمام بالنظام الغذائي المتوسطي دفعا السلطات والمزارعين هناك إلى الاستثمار في إنتاج الزيتون محليًا، حيث ارتفعت الحقول المزروعة بالأصناف الزيتية وتطورت التقنيات المستخدمة في الاستخلاص والتسويق.

اليوم، تنتج الصين ما بين 60 و80 ألف طن من زيت الزيتون سنويًا، في تحول ملحوظ مقارنة بالعقد الماضي، حينما كان إنتاجها شبه رمزي. هذا الارتفاع الفعلي في الإنتاج يجعل من الصين منافسًا محتملاً في سوق تبلغ قيمتها مليارات الدولارات سنويًا، ويهدد بهز عرش الدول التقليدية المهيمنة على السوق، مثل تونس.

في المقابل، تسعى تونس للحفاظ على مكانتها الرائدة وتعزز جهودها لدخول أسواق جديدة، وعلى رأسها السوق الصينية، من خلال وفود رسمية وبرامج ترويجية للمنتجات التونسية. وتبقى السوق الآسيوية، وعلى وجه الخصوص الصين، واعدة لصادرات تونس من زيت الزيتون، إذ بلغ إجمالي صادراتها قرابة 195 ألف طن خلال موسم 2023-2024، بقيمة تجاوزت مليار دولار أمريكي.

رغم أن الجودة التونسية ما تزال تحظى بتقدير عالمي، إلا أن دخول الصين بمنتج محلي بأسعار تنافسية بدأ يشعر به المنتجون التقليديون، خصوصاً مع إمكانية أن تخفض الصين من اعتمادها على الواردات وتبدأ تدريجياً بالمنافسة على الحصص في الأسواق الأجنبية.

مستقبل سوق زيت الزيتون يظل رهين تطورات الإنتاج في كل من تونس والصين، إلى جانب تحولات الطلب العالمي ومعايير الجودة والتسويق المبتكرة. وفي الوقت الذي تسعى فيه تونس للحفاظ على ريادتها، تبدو المنافسة الصينية متجهة نحو مزيد من التصاعد، مما ينذر بمرحلة جديدة من التحدي والتجديد في قطاع الزيتون على المستوى الدولي.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *