الصين تدخل بقوة على خط إنتاج زيت الزيتون: هل تتغيّر قواعد المنافسة العالمية؟

في السنوات الأخيرة، برزت الصين كلاعب جديد في سوق زيت الزيتون العالمية، مما أثار قلق المنتجين التقليديين مثل تونس. فالدولة الآسيوية، التي كانت حتى وقت قريب تعتمد بشكل شبه كامل على واردات زيت الزيتون، بدأت تستثمر في زراعة الزيتون وإنتاج زيته على نطاق متزايد بهدف النفاذ إلى سوق تقدَّر قيمتها بمليارات الدولارات سنوياً.

تونس، المصنّفة ضمن أكبر منتجي ومصدري زيت الزيتون في العالم، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍ جديد من الشرق الأقصى. حيث تشير التوقعات إلى أن الصين ستضاعف من حجم إنتاجها خلال السنوات القادمة مستفيدة من التقنيات الحديثة والتوسّع في الأراضي المزروعة بالزيتون، مما قد يغيّر خارطة المنافسة في هذا القطاع الزراعي الهام.

ورغم أن جودة زيت الزيتون التونسي ومكانته العريقة لا تزالان تحظيان بتقدير عالٍ في الأسواق الدولية، إلا أن ديناميكية السوق تدفع تونس إلى تحديث استراتيجيتها التسويقية والسعي نحو أسواق جديدة، بينما تعمل الصين على تطوير علامتها المحلية واجتذاب مزيد من الطلب الداخلي والخارجي. وقد بدأت الأسواق الصينية تستورد كميات متزايدة من زيت الزيتون في السنوات الأخيرة – تسيطر كل من إسبانيا وإيطاليا على حصة الأسد منها – ويقدّر أن الصين استوردت عام 2024 ما يقرب من 30 ألف طن بقيمة تفوق 200 مليون دولار.

المراقبون يرون أن القوة الصناعية والمالية الصينية تمنحها فرصة تطوير صناعة زيت الزيتون بسرعة، خاصة مع تشجيع السياسات الحكومية للاستثمارات الزراعية واستيراد التقنيات الأوروبية الحديثة. غير أن خبراء القطاع يتوقعون استمرار احتفاظ تونس ودول البحر الأبيض المتوسط بريادتها من حيث الجودة والنكهة، إذ يعتمد المُستهلك العالمي في النهاية على خبرته الطويلة مع المنتج المتوسطي.

من جهة أخرى، تبحث تونس عن اتفاقات وشراكات تجارية جديدة في الشرق، وتحاول الاستفادة من نمو الطلب على زيت الزيتون في الصين، مع تطوير منتجات تلائم الذوق الصيني. هذا التحول قد يكون فرصة لتونس في تعزيز صادراتها رغم اشتداد المنافسة.

لكن يبقى السؤال مطروحاً: هل ستنجح الصين، بفضل إمكاناتها الهائلة والزحف التدريجي نحو ريادة السوق، في تقليص الفجوة مع منتجي زيت الزيتون العريقين؟ أم أن الأسواق ستظل وفية لجودة الزيت المتوسطي الأصيل؟ الأكيد أن السنوات القادمة ستحمل تغييرات استراتيجية في هذا القطاع الحيوي.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *