منافسة صينية متصاعدة في سوق زيت الزيتون: هل تتأثر مكانة تونس؟

تشهد سوق زيت الزيتون العالمية تغيرات بارزة في السنوات الأخيرة، مع ظهور لاعبين جدد يسعون إلى اقتسام حصة من سوق تبلغ قيمتها مليارات الدولارات سنويًا. وفي هذا السياق، يبرز اسم الصين بقوة كمنافس صاعد، بعد أن كانت لعقود طويلة مجرّد مستورد متزايد الطلب على زيت الزيتون، خاصة من الدول المتوسطية وفي صدارتها تونس.

تونس، التي تعد رابع أكبر مصدر لزيت الزيتون في العالم، اعتادت على ريادة القطاع بفضل جودة منتجاتها ووفرة إنتاجها الذي تجاوز 195 ألف طن في الموسم 2023-2024، محققًا عائدات فاقت مليار دولار أمريكي، بحسب تقارير رسمية. وتتصدر البلاد قائمة المزوّدين الرئيسيين للأسواق العالمية، بينما تمثل السوق الصينية وجهة جديدة واعدة، حيث استوردت الصين أكثر من 36 ألف طن من زيت الزيتون التونسي سنة 2023.

إلا أن الحراك الصيني تجاوز دور المستورد. فخلال العقد الأخير، نفذت الصين مشاريع زراعية ضخمة في أقاليم مثل قانسو وسيشوان ويونان، رفعت إنتاجها السنوي إلى ما بين 60 و80 ألف طن. وتعتمد الصين على أبحاث علمية وتكنولوجية متطورة لتطوير أشجار الزيتون وزيادة المساحات المزروعة، مستهدفة تلبية الطلب المحلي وتقليص الاعتماد على الواردات، بل والتوجه تدريجياً نحو التصدير في المستقبل.

ورغم هذا الصعود، لا تزال الصين بعيدًا عن حجم وجودة الإنتاج التونسي المميز بخصائصه المتوسطية الفريدة. وتشير المعطيات إلى أن فرص التعاون بين البلدين في المجال الفلاحي مازالت واسعة، إذ تم توقيع اتفاقيات لتسهيل وتطوير إجراءات التصدير ودعم التواجد التونسي في السوق الصينية. ويرى مختصون أن التنويع في الأسواق وتثمين جودة العلامة التونسية سيبقي تونس في موقع المنافسة العالمية رغم المتغيرات والمنافسة الصاعدة من الشرق الأقصى.

بذلك، تظهر الصين اليوم لاعبًا فاعلًا في سوق زيت الزيتون، لكنها في الوقت ذاته تمثل فرصة لمنتجي الزيتون التونسيين لزيادة حضورهم في إحدى أكبر أسواق العالم نموًا، خاصة إذا تم التركيز على الجودة والتسويق الذكي لتأمين صدارة تونس ضمن كبار منتجي ومصدري زيت الزيتون.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *