صناعة السيارات في تونس: تحديات السياسات وضعف التحفيزات تعرقل النمو
تواجه صناعة السيارات في تونس تحديات كبيرة تعرقل تطورها وتحول دون بناء صناعة محلية قوية قادرة على المنافسة. وتكمن أبرز العراقيل في التعقيدات البيروقراطية والسياسات الضريبية غير المتوازنة، إضافة إلى التغييرات المتكررة في التنظيمات الحكومية، وهو ما يشكل بيئة غير مستقرة للمستثمرين والراغبين في الانخراط في هذا القطاع.
ورغم سعي الدولة لتعزيز الإنتاج المحلي وتطوير قطاع السيارات ضمن خطط السيادة الصناعية، إلا أن هذه المساعي كثيراً ما تصطدم بتناقضات تشريعية وإدارية. وتشير مناقشات حديثة في البرلمان التونسي، خاصة ضمن لجنتي المالية والميزانية، إلى أن السياسات الحالية تضعف الصناعيين المحليين مقارنةً بالمستوردين الذين يستفيدون من تسهيلات أكبر على مستوى الإجراءات وسلاسة تصدير المركبات إلى السوق التونسية.
يرى خبراء أن الحوافز المحدودة وتعدد الضرائب والرسوم الإدارية تشكل عبئاً على المستثمرين التونسيين، الأمر الذي يدفع العديد منهم إلى الخيارات الأسهل مثل الاستيراد بدلاً من الاستثمار في التصنيع المحلي، في ظل تغيّر السياسات بشكل متكرر وصعوبة التخطيط طويل الأمد. وأكد بعض الصناعيين أن هذه الوضعية تهدد بإغلاق مشاريع قائمة وتجعل من الصعب إطلاق مبادرات جديدة أو جذب رؤوس أموال أجنبية لقطاع تصنيع السيارات في البلاد.
أما المتابعون للشأن الاقتصادي، فيشيرون إلى أنه رغم وجود القدرة والخبرة البشرية والموارد اللازمة لتطوير القطاع، إلا أن ضعف التطبيق العملي للسياسات الصناعية والطابع الروتيني للإجراءات الإدارية يحدان من تحقيق هذه الطموحات. ويطالب هؤلاء بضرورة إجراء إصلاحات جذرية في التشريعات وتقليص البيروقراطية وتقديم حوافز حقيقة للمصنعين، ما من شأنه أن يوفر البيئة المناسبة لنمو صناعة السيارات وخلق فرص عمل جديدة.
في ظل هذا المشهد، تستمر تونس في الاعتماد بنسبة كبرى على الاستيراد لتلبية احتياجات السوق من السيارات، وهو ما يحول البلاد إلى سوق جاذبة للمصدرين الأجانب، بينما تبقى طموحات إنشاء صناعة محلية تنافسية رهينة الإصلاحات المأمولة وتحسن مناخ الأعمال.
