أسرار وتحديات قطاع التن الأحمر في تونس: صراع الحصص والأسعار الباهظة
شهد قطاع صيد وتصدير التن الأحمر في تونس في السنوات الأخيرة توتراً متزايداً بين صغار البحّارة والعائلات التي تسيطر على معظم الحصص منذ عقود، مما يثير العديد من التساؤلات حول الشفافية والعدالة في توزيع هذه الثروة البحرية الهامة.
يمثل التن الأحمر مورداً اقتصادياً ضخماً، إذ أن الحصة السنوية المخصصة لتونس تقدر فقط بحوالي 8 بالمائة من الإنتاج، وتوجه بالكامل تقريباً للتصدير. ورغم أن تونس تمتلك 54 وحدة صيد تشارك في موسم صيد التن الأحمر، إلا أن توزيع الحصص يبقى محط جدل وخلافات متكررة. فالكثير من الصيادين الصغار يرون أن نظام الحصص المفروض يعزز الاحتكار لفائدة عدد محدود من العائلات المعروفة في القطاع، في حين يظل النصيب الأكبر من الأرباح بعيداً عن متناول الصيادين التقليديين.
يقول عبد القادر النقبي، بحار من طبلبة في محافظة المنستير، إنه أصبح يشعر بأن القطاع مغلق أمام الوافدين الجدد بسبب نفوذ العائلات المسيطرة وصعوبة الحصول على حصة صيد تمكنه من تأمين مصدر رزقه. ويضيف النقبي: “معظم البحارة الصغار يشعرون بالتهميش لأن الحصول على رخصة صيد التن الأحمر أو حصة من الطُعم يبدو شبه مستحيل دون علاقات قوية أو الانتماء للأسماء الكبيرة في القطاع”.
وتكتسب هذه الإشكاليات أبعاداً أوسع مع تصاعد الضغوط الأوروبية على تونس للحد من الصيد، وظهور طلبات بضبط الإنتاج لصالح المحافظة على البيئة البحرية. لكن في المقابل، تبقى أسعار التن الأحمر التونسي مرتفعة عالمياً، خاصة عند تصديره للأسواق الآسيوية مثل اليابان، ما يدفع البعض لوصفه بـ”فرصة الأثرياء فقط” ويساهم في استمرار هيمنة الاحتكار داخل الصناعة.
هذا الوضع دفع العديد من البحّارة والمهنيين إلى المطالبة بإعادة النظر في آليات توزيع الحصص وتوفير قدر أكبر من الشفافية لضمان استفادة أوسع للفئات الأقل حظاً في القطاع، وكذلك للمحافظة على ديمومة الثروة السمكية لصالح الأجيال القادمة.
تشير آراء متابعين وخبراء في القطاع إلى أن معالجة هذه المشاكل لاتتطلب فقط إصلاحاً على مستوى التشريعات، وإنما أيضاً التزاماً فعلياً من مؤسسات الدولة لفرض العدالة وتكافؤ الفرص وحماية مصالح كل العاملين في هذا المجال الحيوي.