تفاقم العجز التجاري لتونس: ثلاث دول تبرز كمصدر رئيسي للاختلال
يمثل التبادل التجاري أحد أهم ركائز الاقتصاد التونسي، لكنه في السنوات الأخيرة أصبح مصدراً للقلق بسبب تفاقم العجز المسجل مع بعض الشركاء. فعلى الرغم من محافظة الاتحاد الأوروبي على موقعه كشريك رئيسي حيث يستوعب قرابة 70% من إجمالي الصادرات التونسية، فإن بيانات المعهد الوطني للإحصاء ومرصد التجارة الخارجية للنصف الأول من سنة 2025 كشفت عن اتساع هوة العجز التجاري، الذي بلغ حوالي 11.9 مليار دينار مع نهاية شهر يوليو 2025.
وتبرز بشكل خاص ثلاث دول ساهمت في هذا الاختلال، إذ تصدرت الصين قائمة الشركاء الآسيويين الذين تحقق معهم تونس عجزاً كبيراً، حيث تجاوز حجم العجز التجاري مع الصين 971 مليون دينار نتيجة الارتفاع الملحوظ في حجم الواردات بنسبة قاربت 37%. الأمر ذاته يتكرر مع تركيا وروسيا، اللتين تستمر الواردات منهما في الارتفاع مقابل صادرات تونسية ضعيفة أو شبه منعدمة.
ويوضح الخبراء في تقارير صادرة مؤخراً أن استمرار هذا التوجه يعود في جزء كبير منه إلى هيمنة المنتجات الصناعية والاستهلاكية المستوردة من هذه الأسواق، فضلاً عن نقص التنويع في الصادرات التونسية، وبالأخص في المواد الصناعية والفلاحية ذات القيمة المضافة العالية.
أمام هذا الوضع، تؤكد التقارير الاقتصادية ضرورة وضع خطة وطنية متكاملة لدعم الصادرات من جهة، وتنويع مصادر التوريد من جهة أخرى، بالإضافة إلى تعزيز نقاط القوة التنافسية للمنتج التونسي في الأسواق الخارجية. كما يصبح من الضروري مراجعة الاتفاقيات التجارية مع هذه الدول بهدف تصحيح الخلل المستمر في تبادل السلع وتحقيق مزيد من التوازن في الميزان التجاري.
ويبقى الاتحاد الأوروبي رغم هذا الوضع الحصن الأساسي للصادرات التونسية، لكن التحولات الراهنة في السياسات الاقتصادية العالمية تفرض على تونس مواصلة العمل على ترسيخ علاقاتها مع شركائها التقليديين والانفتاح على أسواق جديدة لكسر حلقات العجز المتكررة وتأمين الاستقرار الاقتصادي للبلاد.