تحذيرات من الاعتماد المتزايد على البنك المركزي في تمويل عجز الميزانية بتونس

أثار مشروع قانون المالية لسنة 2026 في تونس جدلاً واسعاً بعد أن كُشف عن عزم الحكومة طلب تسبقة استثنائية جديدة من البنك المركزي بقيمة 11 مليار دينار، وذلك للعام الثالث على التوالي. واعتبر الخبير الاقتصادي أرام بلحاج أن هذا النهج يمثل تحولاً من ممارسة استثنائية إلى عادة متكررة في إدارة المالية العمومية، محذراً من تداعياته على الاستقرار المالي واستقلالية البنك المركزي.

وأوضح بلحاج، في تصريحات إعلامية، أن تونس كانت قد لجأت في السنوات الماضية إلى الاستفادة من البنك المركزي لتغطية العجز، وارتفعت قيمة التسبقات بشكل ملحوظ من 7 مليارات دينار سابقاً لتصل اليوم إلى 11 مليار دينار مقترحة للسنة القادمة. ويرى أن هذا المسار يؤشر على صعوبة الوضعية المالية العامة وعدم التوصل إلى حلول دائمة ومستدامة لتمويل الاحتياجات المتزايدة للدولة.

وأشار إلى أن الاستمرار في طلب التمويل المباشر من البنك المركزي دون إصلاحات هيكلية وسياسات اقتصادية واضحة قد يهدد استقلالية المؤسسة النقدية، ويجعلها أداة في يد السلطة التنفيذية لتحقيق أهداف ظرفية، بعيداً عن دورها الأساسي في حماية قيمة العملة وضمان الاستقرار المالي. وأكد بلحاج على ضرورة مراجعة القانون المنظم للبنك المركزي بشكل عاجل حتى يضمن استقلاليته ويضع ضوابط صارمة لتمويل الميزانية عبر أدوات نقدية.

كما دعا بلحاج إلى فتح حوار وطني واسع حول الحلول البديلة لتعبئة الموارد المالية، على غرار إصلاح المنظومة الجبائية، وتحريك الاستثمار، والعمل على ترشيد النفقات العمومية، وتجنب اللجوء إلى التمويل السهل والسريع من البنك المركزي، لما لذلك من آثار تضخمية وتهديد لتحمل الديون على الأجيال القادمة.

واختتم تصريحه بالتأكيد على أن الإصلاح الحقيقي لمنظومة المالية العمومية ينبغي أن ينطلق من الإرادة السياسية لتغيير السياسات المتبعة، مع التشديد على ضرورة حماية استقلالية البنك المركزي لتجنيب البلاد السيناريوهات المالية الخطيرة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *