تصعيد نقابي في التعليم يثير جدلاً حول احترام الأنظمة الداخلية

أثارت تصريحات النائبة فاطمة المسدي مؤخراً جدلاً واسعاً في الأوساط النقابية والتعليمية في تونس، حيث اتهمت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل باتخاذ خطوات تصعيدية في قطاع التعليم دون الالتزام الصارم بأحكام النظام الداخلي للاتحاد. وجاءت هذه الاتهامات في ظل تواصل التحركات الاحتجاجية والاعتصامات، التي شملت منذ شهر أوت الماضي سلسلة من الوقفات والاحتجاجات أمام وزارة التربية، تلتها وقفات جهوية أمام المندوبيات الجهوية، ثم إضرابين متتاليين شملوا المؤسسات التعليمية المختلفة.

وفي هذا السياق، أكدت المسدي أن الاتحاد واصل التصعيد في قطاع التعليم عقب تحرك مماثل في قطاع النقل، لكنها رأت أن هذه الخطوات أحدثت لبساً لدى الرأي العام بخصوص مدى التزام القيادة النقابية بالآليات القانونية والتنظيمية التي تضمنها النظام الداخلي للاتحاد. وأشارت إلى أن القرارات التي تم اتخاذها لم تمر دائماً عبر الهياكل المعنية كما ينص عليه القانون الداخلي، ما اعتبرته تجاوزاً للصلاحيات وهامش التشاور، وقد يعرض المسار النقابي لإشكاليات مؤسسية.

من جهته، أكد الاتحاد العام التونسي للشغل في أكثر من مناسبة أنه يدافع عن حقوق العمال وموظفي قطاع التعليم، ويعتبر أن التحركات النقابية هي ضرورة للضغط على الحكومة من أجل تحسين واقع المنظومة التربوية وتوفير ظروف لائقة للتلاميذ والمدرسين على حد سواء. واعتبر بعض النقابيين أن اللجوء للإضراب والاحتجاج هو استجابة لتجاهل الحكومة لمطالب القطاع، خاصة على صعيد تحسين ظروف العمل وتأمين الاعتمادات المالية الكافية للصيانة والتجهيز.

وبالرغم من دعم جزء هام من القاعدة النقابية لهذه التحركات، إلا أن موجة التصعيد الأخيرة أثارت خلافات داخلية بشأن الأسلوب والآليات المعتمدة، حيث يسود اعتقاد بأن تسريع القرارات دون العودة للآليات الرسمية يهدد وحدة الجبهة الداعمة للعمل النقابي. كذلك يرى مراقبون أن الأزمة بين القيادة التنفيذية وبعض الأطراف السياسية لا تزال مرشحة للتفاقم ما لم يتم التوصل إلى توافقات تضمن الحفاظ على استقلالية القرار النقابي وتماسكه.

يذكر أن هذه التحركات تأتي في سياق اجتماعي متوتر على خلفية تردّي الخدمات العمومية وارتفاع المطالب المعيشية. ويبدو أن ملف التعليم سيظل محور جدل ونقاش في الفترة المقبلة، خاصة مع استمرار الأزمة الاقتصادية وصعوبة تحقيق مطالب جميع الأطراف في المدى القريب.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *